الشيخ: فاعل، (لا يتصرف لأحدهم وَلِيُّه) لأحدهم، أي: هؤلاء الثلاثة، وهم: الصغير والمجنون والسفيه، إلا بالأحظ، وما الأحظ؟ يعني الأفضل والأحسن.
دليل ذلك: أثرٌ ونظرٌ؛ أما الأثر فقوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وأما النظر فلأن هذا الولي يتصرف لغيره، فوجب عليه أن يأخذ بالأحظّ، لو كان الإنسان تصرف بنفسه فهو حُرّ، لكن يتصرف لغيره؟ لا بد أن يأخذ بالأحَظّ، وهذا شامل في الولايات الدينية والولايات الدنيوية، لا يتصرف الولي على أحد، سواء كانت الولاية دينية أو دنيوية إلا بالأحسن، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ»(٣)، لماذا؟ لأنه إذا كان إمامًا فهو ولي، وإذا كان يُصلي وحده فهو أمير نفسه، ومِن ثَمَّ أيضًا نقول: لا يجوز للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعلَ ما يجب، ويُكْرَه أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يُستحب، ويطيل؛ لأنه يحرم عليه أن يخالف السنة.
لو قيل بذلك لكان له وجه، لا سيما إذا علمنا أن المأمومين يودون تطبيق السنة، فمثلًا إذا أراد أن يصلي الفجر بقصار المفصَّل على المذهب هذا جائز، ؛ لكن لو قيل بأنه ليس بجائز؛ لأنه خلاف السنة، لا سيما إذا علمنا أن أهل المسجد يرغبون أن يفعل السنة فيهم، لو قيل أنه غير جائز لكان له وجه؛ لأنه قال: إن مَن يتصرف لغيره فإنه يجب عليه أن يعمل بالأحسن.
{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فمثلًا هذا الرجل الولي نقول: لا تتصرف إلا بما هو أَحَظّ، فإذا أردت أن تشتري سلعة وأمامك سلعة أخرى، السلعة الأولى فُرِضَ أنها تربح عشرة بالمئة، والثانية تظن أنها تربح عشرين بالمئة، أيهما تأخذ؟