للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما الفرق بين الحلي المباح وبين الثياب المباحة إذا قلنا بوجوب الزكاة.

الشيخ: فيه جواب ثالث ذكره ابن حزم اطلعنا عليه أخيرًا، وهو قوله: إن الرِّقَة اسم للفضة مطلقًا سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة وعلى هذا فقوله «فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» يدل على العموم، وفي قوله: «فِي مِئَتَيْ دِرْهَمٍ رُبْعُ الْعُشْرِ» دليل على مقدار النصاب، لكن هذا مخالف لأكثر مَنْ تكلم في هذا الباب حيث قالوا: إن الرقة هي السكة المضروبة، وهذا أقرب، ؛ يعني القول بأن الرقة هي السكة المضروبة أقرب لقوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: ١٩] معلوم إنها دراهم.

الطالب: فإن قيل: ما الفرق بين الحلي المباح وبين الثياب المباحة إذا قلنا: بوجوب الزكاة في الأول دون الثاني؟

فالجواب: أن الشارع فرق بينهما؛ حيث أوجبها في الذهب والفضة من غير استثناء، بل وردت نصوص خاصة في وجوبها في الحلي المباح المستعمل كما سبق، وأما الثياب فهي بمنزلة الفرس وعَبْدِ الخدمة اللذين قال فيهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» (٢٥) فإذا كانت الثياب للبس، فلا زكاة فيها وإن كانت للتجارة ففيها زكاة التجارة.

الشيخ: واضح هذا، يعني: بعض القائلين بعدم الوجوب قالوا: هذه كالثياب، هذه من حاجيات الإنسان يلبسها، يحتاج إليها، حينئذ نقول: لا بد أن نجيب عن هذا القول، بماذا؟

بالتفريق، فنقول: الحلي أوجب الشرع الزكاة فيه، والثياب لم يوجب فيها الزكاة، هذا هو الفرق، نعم لو كان الأصل في الذهب والفضة عدم الوجوب لقلنا: إنه لا زكاة في الحلي، كما نقول: إن الأصل في الثياب عدم الوجوب، فهذا قياس مع الفارق.

الطالب: فإن قيل: هل يصحُّ قياس الحلي المباح المُعَدّ للاستعمال على الثياب المباحة المعدة للاستعمال، كما قاله مَنْ لا يوجبون الزكاة في الحلي؟ فالجواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>