والقول الصحيح في الحال الثالثة -وهي بعد أن يضعه في البيدر- أنها لا تجب عليه الزكاة ما لم يتعد أو يفرط؛ وذلك لأن المال عنده بعد وضعه في الجرين أمانة، إن تعدى أو فرط؛ بأن أخر صرف الزكاة حتى سُرِقَ هذا المال أو ما أشبه ذلك فهو ضامن، وإن لم يتعد ولم يفرط وكان مجتهدًا في أن يبادر بتخليصه، ولكنه تلف؛ مثل أن يجعل التمر في البيدر لأجل ييبس، ولكن لم يمضِ وقت يمكن يبسه فيه حتى سُرق التمر، مع كمال التحفظ والحراسة، فهل نقول: يضمن؟ لا يضمن، اللهم إلا إذا أمكنه أن يطالب السارق ولم يفعل فهذا يكون مفرطًا.
إذن القول الراجح أن الحال الثالثة تُلْحَق بالحال الثانية؛ وذلك لأن المال الذي وجبت فيه الزكاة واستقر وجوبها فيه كان عنده أمانة، فكيف يضمن؟ !
وأما قوله: إن الرجل لو كان مدينًا وتلف ماله لم يسقط الدين بتلف ماله، فهذا قياس مع الفارق؛ لأن دينه متعلق بذمته، والزكاة متعلقة بهذا المال، فهذا المال الذي فيه الزكاة هو عنده أمانة، فالصواب أن الحال الثالثة كالحال الثانية.
يقول:(ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر، فإن تلفت قبله بغير تعدٍّ منه) يعني: ولا تفريط، (سقطت).
طالب: إذا تلفت قبله.
الشيخ:(فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت).
قال:(ويجب العشر على مستأجر الأرض دون مالكها) ما العشر الواجب؟
يعني: زكاة الثمر، وزكاة الحبوب تجب على المستأجر، لا المالك.
ولو قال المؤلف:(وتجب زكاة الثمر والحبوب على المستأجر دون المالك) لكان أعم من قوله: (ويجب العشر)؛ لأن العشر قد يكون واجبًا، وقد يكون الواجب نصف العشر، على كل حال هو هذا مراده؛ يعني: على من تجب زكاة الحبوب؛ أعلى مالك الأرض أو على المستأجر؟
الجواب: على المستأجر؛ لأن المستأجر هو مالك الحبوب، ومالك الأرض ليس له إلا الأجرة، وكذلك المستأجر هو مالك الثمار، وليس لصاحب الأرض إلا الأجرة.