للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فيكون للثمر والزرع ثلاثة أحوال:

الحال الأولى: أن يتلف قبل وجوب الزكاة -يعني: قبل اشتداد الحب وقبل صلاح الثمر- فهذا لا شيء على المالك مطلقًا؛ سواء تلف بتعد أو تفريط، أو بغير ذلك، لا شيء عليه، والعلة أنه قبل الوجوب.

الحال الثانية: أن يتلف بعد الوجوب وقبل جعله في البيدر، ففي ذلك تفصيل؛ إن كان بتعد منه أو تفريط ضمن الزكاة، وإن كان بلا تعد ولا تفريط لم يضمن.

الحال الثالثة: أن يكون بعد جعله في البيدر -أي: بعد جذه ووضعه في البيدر، أو بعد حصاده ووضعه في البيدر- فعليه الزكاة مطلقا؛ لأنها استقرت في ذمته فصارت دينًا عليه، والإنسان إذا وجب عليه دين وتلف ماله وعليه دين هل يسقط الدين بتلف المال؟ لا، إذن لا تسقط الزكاة عنه في هذه الحال، ما هو التعدي والتفريط الذي في الحال الثانية والذي فصَّلنا فيها؛ قلنا: إذا تلف بلا تعد ولا تفريط فلا ضمان عليه، فما هو التعدي؟

التعدي عمومًا قاعدة فيه: فعل ما لا يجوز، والتفريط: ترك ما يجب؛ فمثلا لو أن الرجل أهمل بعد أن بدا الصلاح في الثمر؛ في ثمر النخل، وقبل أن يجعله في البيدر، أهمل حتى جاءت السيول، فأمطرت وأفسدت التمر، فيقال: هذا مفرطٌ ولا متعدٍّ؟

طلبة: مفرطٌ.

الشيخ: هذا مفرطٌ، ولو أنه أشعل نارًا تحت الثمار فهذا متعدٍّ؛ لأنه فعَل ما لا يجوز.

ولو أن الله أتى بعواصف أو قواصف بعد بدو الصلاح وبعد اشتداد الحب من غير أن يفرط ويهمل، فأتلفت الثمر أو الزرع، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يتعد ولم يفرط.

لو سرقت الثمار أو الزروع بعد أن بدا الصلاح واشتد الحب، فهل يضمن؟ نقول: إذا كان بإهمال منه أو تفريط ضمن، وإلا فلا، هذه القاعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>