للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن قد يقول قائل: كيف يستأجر الثمار أو كيف يستأجر النخل؟ كيف ذلك؟ هل يمكن أن يستأجر النخل؟

الطلبة: ( ... ).

الشيخ: جزمًا، لا ما هو جزم. المذهب -وهو قول أكثر العلماء- أن النخل لا يستأجر؛ يعني: لا يمكن أنا آتي إلى صاحب بستان كله نخل، وأقول: أجرني هذا النخل لمدة عشر سنوات مثلًا، هذا لا يجوز، لماذا؟ لأن الثمر معدوم، الثمر الآن معدوم، ولا يعلم هل يخرج من الثمر مقدار الأجرة أو أقل أو أكثر؟ وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (٥)، فهذا من باب أولى؛ لأن هذا قبل أن تخرج، فيكون فيه جهالة.

ولكن شيخ الإسلام رحمه الله أبى إلا أن يصحح هذا العقد وقال: إن استئجار البساتين أشجارها كاستئجار أراضيها، فكما أنك تستأجر هذه الأرض من صاحبها وتزرعها، وقد يكون زرعك أكثر من الأجرة بكثير، وقد يكون أقل، فكذلك النخل، ويجعل النخل أصلًا، كما تجعل الأرض أصلًا في المزارعة، وقال: إن هذا هو الثابت عن عمر رضي الله عنه، حين ضمَّن حديقة أسيد بن حضير (٦) الذي لزمه ديون، فضمن بستانه؛ من يستأجره لمدة كذا وكذا سنوات؟ ويقدِّم الأجرة من أجل قضاء الدين، وقال: إن عمر فعل ذلك والصحابة متوافرون، وإنه لا فرق بين استئجار النخيل واستئجار الأرض، وأن هذا أقطع للنزاع بين المستأجر وصاحب الأرض؛ وذلك لأنه يجوز أن يساقي صاحب النخل هذا الرجل العامل بجزء من الثمرة، وهذا ربما يحصل فيه نزاع، أما إذا كانت أجرة مقطوعة فإن صاحب النخل قد عرف نصيبه وأخذه، والمستأجر قد عرف أن الثمر كله له، لا ينازعه فيه أحد؛ يتصرف فيه كاملًا.

وهذا الذي صار عليه العمل الآن عند الناس؛ أنه يصح استئجار النخيل بأجرة معلومة لمدة خمس سنوات، عشر سنوات، حسب ما يتفقان عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>