(وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة)، سبق لنا أنه يعتبر أن يكون مملوكًا له وقت وجوب الزكاة، فما هو وقت وجوب الزكاة؟
يقول المؤلف:(إذ اشتد الحب) يعني: قوي الحب، وصار شديدًا لا ينضغط بضغطه، (وبدا صلاح الثمر) وذلك في ثمر النخل أن يحمرَّ أو يصفرَّ، وفي العنب أن يتموه حلوًا؛ يعني: أن يكون بدل أن يكون قاسيًا يكون لينًا متموهًا، ويكون بدل أن يكون حامضًا يكون حلوًا.
فالآن بدو الصلاح في ثمر النخل أن يحمر أو يصفر، وفي العنب أن يتموه حلوًا، وفي الحبوب أن تشتد، قال:(إذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة) وقبل ذلك لا تجب.
ويتفرع على هذا أنه لو مات المالك قبل وجوب الزكاة -أي: قبل اشتداد الحب أو بدو صلاح الثمر- فإن الزكاة لا تجب عليه، تجب على من؟ على الوارث، وكذلك لو باع النخيل وعليها ثمار لم يَبْدُ صلاحها، أو باع الأرض وفيها زرع لم يشتد حبه، فإن الزكاة على من؟ على المشتري؛ لأنه أخرجها من ملكه قبل وجوب الزكاة.
ويتفرع على هذا أيضًا لو أنها تلفت ولو بفعله؛ بأن قطع الثمر أو حصد الزرع قبل اشتداده أو قطع الثمر قبل بدو صلاحه فإنه لا زكاة عليه، لماذا؟ لأن ذلك قبل وجوب الزكاة.
يقول:(ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر، فإن تلفت قبله بغير تعد ولا تفريط سقطت) لا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر؛ البيدر: مجتمع الثمر والزرع؛ وذلك أنهم كانوا إذا جذوا الثمر جعلوا له مكانًا فسيحًا يضعونه فيه، وكذلك إذا حصدوا الزرع جعلوا له مكانًا فسيحًا يدوسونه فيه، فلا يستقر الوجوب إلا إذا جعلها في البيدر، فإن تلفت بعد بدو الصلاح واشتداد الحب وقبل جعلها في البيدر فإنها تسقط، ما لم يكن ذلك بتعد منه أو تفريط فإنها لا تسقط.
وإذا جعلها في البيدر فإنها تجب عليه، ولو تلف، ولو بغير تعد ولا تفريط؛ لأنه استقر الوجوب في ذمته فصار دينًا عليه؛ سواء تلف بتفريط أو بغير تفريط.