للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يحتمل أنه أراد عليه الصلاة والسلام «أَبِكَ جُنُونٌ» لأني رددتك ثلاث مرات، فكيف تأتيني الرابعة؟ ما يفعل هذا مع الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يعني ما يقول ويفعل إلا إنسان في عقله خلل، كيف الرسول يرددك ثلاث مرات ثم تيجي الرابعة؟ ! يقول: «أَبِكَ جُنُونٌ» ليس معناه الشك في صحة إقراره، ولكن «أَبِكَ جُنُونٌ» للشك في تصرفه في كونه يأتي في المرة الرابعة والرسول صلى الله عليه وسلم يردده ثلاث مرات؛ ولهذا مثل أنت تقول للشخص: أنا -مثلًا- لا أريد كذا، ثم يجيك مرة ثانية وثالثة ورابعة، ويش تقول له؟ تقول: أنت مجنون، أنت أقول لك: ما عنديش وتيجي؟ ! ( ... ) نعم.

ويحتمل أن قوله: «أَبِكَ جُنُونٌ» يعني معناه: أقررت على نفسك بدون عقل، فيكون شبهة في صحة الإقرار، فيكون الرسول عليه الصلاة والسلام ردده للتثبت من إقراره.

وعندي أننا لو سلكنا مسلكًا وسطًا في الموضوع لأجل نجمع بين الأدلة، وقلنا: إنه إذا كان هناك قرائن قوية -ولا سيما إن كان مشهورًا- فإنه يُكْتَفى بالإقرار واحدة؛ لأن قصة العسيف تدل على هذا، فقصة العسيف تعرفون أنها اشتهرت بين الناس؛ فإن أباه افتداه بمئة شاة ووليدة (١١).

هنا توقف الشيخ -رحمه الله- عن شرح متن الزاد إلى الشرح من مذكرة أخرى.

«أَخْبِرْهُ بِأَنَّ عَلَى ابْنِهِ الْجَلْدَ وَالتَّغْرِيبَ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ» (١)، فهذا يدل على أن المسألة اشتهرت، وحينئذٍ لا حاجة إلى تكرار الإقرار أو ترداده؛ لأن المسألة الآن فيها قرائن تؤيد الصحة، أما إذا كان الأمر بالعكس وهي ما اشتهرت المسألة فإن الأولى التكرار لعله يرجع فيحصل الستر؛ لأن الستر مطلوب فيما لم ينكشف، أما إذا انكشف الأمر فإنه لا شك أن ثبوت الحكم يحصل بواحدة؛ لأن الإنسان إذا شهد على نفسه واحدة فقد تم الإقرار، هذا القول الذي أراه؛ أنه يفرَّق بين ما إذا اشتهر الأمر وإذا لم يشتهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>