للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصحيح في هذه المسألة: أنه لا يقع طلاقه سواء كان معذورًا أم غير معذور؛ وعلى هذا فطلاق السكران لا يقع. ودليل ذلك أن الحكم في الطلاق مرتب على عقله، أي على عقل الطلاق، والسكران لا يعقل الطلاق، ولا يدري ما يقول بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، والسكران لا يعلم ما يقول، والطلاق إنما يكون من شخص يعقله ويريده.

وقول بعض أهل العلم: إننا نُوقِع الطلاق عليه عقوبة له، فيقال: هذا غلط؛ لأن عقوبة السكران بالجلد، ولا يجوز أن نزيد على العقوبة التي جاءت بها السنة، ثم إن الطلاق إذا جعلناه عقوبةً على هذا السكران فهي عقوبة متعدية إلى مَنْ؟ إلى الزوجة، وقد يكون معها أولاد، وقد تكون هذه آخر طلقة، فيكون في هذا ضرر كثير.

فالصواب أنه لا يقع طلاق السكران، وهذا هو الذي رجع إليه الإمام أحمد أخيرًا، فقد قال رضي الله عنه ورحمه: كنتُ أقول بوقوع طلاق السكران حتى تبينته -يعني: حتى فكرت فيه وتبين لي- فرأيت أنه إذا وقع الطلاق أتيت خصلتين؛ حرمتها على زوجها وأحللتها لغيره، وإذا لم يقع الطلاق أتيت خصلة واحدة؛ وهي أنني أحللتها لزوجها لو قُدِّر أنها طلقت. وهذا نص صريح من الإمام أحمد على رجوعه عن القول بوقوع طلاق السكران.

لكن لو فُرِض أن هذا الرجل يسكر كل يوم، ويطلق كلما سكر، فهل الأولى أن نُوقع الطلاق أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>