وتعليل ذلك أن هذا الحريم هو الذي يتعلق به مصلحة البئر، فالرجل في البادية إنما حفر هذا البئر من أجل أن يسقي ماشيته، وخمسة وعشرون من كل جانب فيها كفاية، يعني: خمسة وعشرون، وخمسة وعشرون، وخمسة وعشرون، وخمسة وعشرون، كم من مربع؟
طلبة: مئة.
الشيخ: مئة، خمسة وعشرون أربع مرات هذه مئة، هذه تكفي، أما إذا كانت عادية بمعنى أنها انطمت ثم حفرها ثانية، فإنه يملك خمسين من كل جانب.
وظاهر كلامهم أيضًا أنه لا فرق بين أن يكون الحافر مرة أخرى هو الأول أو غيره، أما إذا كان هو الأول فإعطاؤه خمسين ذراعًا واضح؛ لأنه تعب عليها كم؟ مرتين، وأما إذا كان غيره فيقال: إن الأول ملك خمسًا وعشرين، والثاني ملك خمسًا وعشرين، فيكون خمسين ذراعًا من كل جانب، فيكون الخمس والعشرون الأولى باعتبار حفر الأول لها، والثانية باعتبار حفر الثاني لها.
ثم قال:(وللإمام إقطاع موات لمن يحييه) إذا قال الفقهاء: الإمام، فمرادهم السلطان الأعلى؛ يعني الذي له الكلمة على كل الدولة، كالملك مثلًا في البلاد الملكية، وكالرئيس في البلاد الجمهورية، وما أشبه ذلك.
المهم مَن له الكلمة العليا فهو عند أهل العلم هو الإمام؛ لأنه يُؤْتَمّ به ويُطاع فيما يأمر به في غير معصية الله، وكل مَن كان قدوة فهو إمام، ولذلك نسمي مَن يصلي بنا في الجماعة نسميه إمامًا؛ لأننا نأتمر بأمره، لا نُكَبِّر إلا إذا كَبَّر، ولا نركع إلا إذا ركع، وإذا قام قمنا، وإذا سجد سجدنا.
فالإمام إذن من هو؟ الإمام هو من له الكلمة العليا في الدولة، سواء سُمِّي إمامًا أو ملكًا أو رئيسًا أو غير ذلك.
له (إقطاع موات لمن يحييه)، إقطاعه يعني أن يقول: يا فلان، لك هذه الأرض أَحْيِهَا، فإذا أحياها الْمُقْطَع فإنه يملكها، وإذا لم يُحْيِها فإنه يكون أحق بها من غيره، فيكون الْمُقْطَع كالمتَحَجِّر، وليس كالذي أحيا، واضح؟