[قتلنا] المشتركين عند عسر التمييز، ذهابًا منا إلى الإعراض عن عدد القاتلين، والتفاتًا منا إلى أن الجناية لا تقبل التعدد. فما ظهرت (١٨٩/ أ) هذه الجهة، أمكن أن يتنزل الشركاء على الوجه المخصوص منزلة الواحد.
أما إذا تعددت الجهات، وتميزت الأفعال، فليس الحاصل من كل واحد منهما إلا جرح، فكيف يتفق أن يشرع القطع زاجرًا عن الجرح؟ فلا يكون الذي ورد نقضًا بحال. والمناقضة الحاقة إنما تكون على تقدير تساوي المسألتين في الاشتراك في المعنى المعتمد عليه، ويصير ما ألزمه الخصم، بمنزلة ما لو تمالأ على قطع يديه، ولكن تولى كل واحد منهما قطع يد بانفراده، فإنه لا يتصور أن يقال تقطع أيديهما جميعًا. وكذلك القول في إتلاف العينين على التمالؤ.
فليفهم المنتهي إلى هذا المقام هذا السر، فهو من الأسرار التي يقل على وجه الأرض من يتنبه لها. وبهذا يعلم الإنسان دقة نظر الأولين، وما خصهم الله به من الوقوف على حكم الشريعة.