للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدم، وقال عطاء والنخعي: لا شيء على من ترك الميقات، وقال سعيد بن جبير: إن ترك الرجوع إلى الميقات حتى قضى حجة فلا حج له، وقال الحسن البصري: إن لم يرجع إلى الميقات حتى تم حجه رجع إلى الميقات فأهل بعمرة.

وهذه الأقوال الثلاثة شاذة ضعيفة لا أصل لها في أثر ولا نظر، وفي "شرح الموطأ" للإِشبيلي: اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري وأبو ثور على أن من مر بالميقات لا يريد حجًّا ولا عمرة ثم بدا له أن يحرم أحرم من حيث بدا له ولا يرجع إلى الميقات ولا شيء عليه، وقال أحمد وإسحاق: يرجع إلى الميقات ويحرم منه.

واختلف في العبد يجاوز الميقات من غير نية الإِحرام ثم يحرم، فقال مالك والثوري والأوزاعي: لا شيء عليه، قال مالك: وكذلك الصبي يجاوزه ثم يحتلم فيحرم، وقال الشافعي مرة: عليه دم، وقال أبو حنيفة: عليه دم لتركه الميقات أذن له السيد أو عتق، وقال الشافعي في الكافر يجاوز الميقات ثم يسلم: لا شيء عليه، وقال مرة: عليه الدم.

ص: واحتجنا إلى النظر في الأخبار هل فيها ما يدفع دخول الحرم بغير إحرام؟ وهل فيها ما ينبئ عن معنى في هذين الحديثين المتقدمين يجب بذلك المعنى أن ذلك الدخول الذي كان من النبي -عليه السلام- بغير إحرام خاص له.

فاعتبرنا في ذلك، فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "إن الله -عز وجل- حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر، ووضعها بين هذين الأخشبين، لم تحل لأحد قبلي، ولم تحل لي إلاَّ ساعة من نهار، لا يختلى خلاها, ولا يعضد شجرها, ولا يرفع لقطتها إلاَّ منشد، فقال العباس: إلاَّ الأذخر، فإنه لا غنى لأهل مكة عنه لبيوتهم وقبورهم، فقال رسول الله -عليه السلام- إلاَّ الأذخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>