للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: لما استدل أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من جواز دخول مكة بغير إحرام بحديثي جابر وأنس -رضي الله عنهما- أراد أن يبين وجه حديثهما، وأورد أحاديث عن ابن عباس وغيره تدل على أن دخوله -عليه السلام- مكة كان وهي حلال ساعتئذ؛ فلذلك دخلها غير محرم، وأن ذلك كان خاصًّا للنبي -عليه السلام- ثم عادت حرامًا إلى يوم القيامة، فلا يجوز دخولها لأحد بغير إحرام.

وأخرج حديث ابن عباس عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن عون بن أوس الواسطي البزاز شيخ البخاري في كتاب الصلاة، قال أبو زرعة وأبو حاتم: ثقة حجة، عن أبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة، عن يزيد ابن أبي زياد القرشي الكوفي فيه مقال، فعن أحمد: حديثه ليس بذاك. وعن يحيى: لا يحتج بحديثه، وعنه ضعيف الحديث. وقال العجلي: جائز الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. روى له مسلم مقرونًا بغيره واحتج به الأربعة. عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس.

وأخرجه البزار في "مسنده": نا يوسف بن موسى، نا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "إن مكة حرام حرمها الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر، ولم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلاَّ ساعة من نهار ثم عادت، لا يختلي خلاها ولا يعضد شجرها ولا يخاف صيدها ولا ترفع لقطتها إلاَّ لمنشد، فقال العباس: إلاَّ الأذخر يا رسول الله فإنه لا غنى بأهل مكة عنه، قال: إلاَّ الأذخر".

قال البزار: وهذا الحديث قد روي عن ابن عباس من غير وجه وعن غير ابن عباس بألفاظ مختلفة ومعانيها قريبة، وفي هذا الحديث ألفاظ ليست في حديث غيره، فذكرناه من أجل ذلك، ويزيد بن أبي زياد قد ذكرناه في غير هذا الحديث، فإنه ليس بالقوي ولا نعلم أحدًا ترك حديثه من المحدثين لا شعبة ولا الثوري ولا أحد من أهل العلم، وإنما كان يؤتي لأنه كان في حفظه سوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>