للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضر، فقد عاد حكم معنى ما صحّ من تأويل حديث أيوب عن الزهري إلى معنى حديث معمر عن الزهري.

وقد قال آخرون: إنما أتم الصلاة لأنه كان يَذهَبُ إلى أنه لا يقصرها إلا مَنْ حَلّ وارتحل، واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا حمادٌ، قال: ثنا قتادة، قال: قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: "إنما يقصر الصلاة من حمل الزاد والمزاد وحل وارتحل".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عباس بن عبد الله: "أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كتب إلى عُمَّاله أن لا يُصَلّين الركعتين جابي ولا نائي ولا تاجر، وإنما يصلي الركعتين من كان معه الزاد والمزاد".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روحٌ وأبو عمر، قالا: ثنا حماد بن سلمة، أن أيوب السختياني أخبرهم، عن أبي قلابة الجرمي، عن عمه أبي المهلب قال: "كتب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه بلغني أن قومًا يخرجون إما لتجارة واما لجباية وإما لجشر ثم يقصرون الصلاة، وإنما يَقْصر الصلاة مَنْ كان شاخصًا أو بحضرة عدو. فقالوا: فكان مذهب عثمان - رضي الله عنه - أن لا يقصر الصلاة إلا من كان يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد ومن كان شاخصًا، فأما من كان في مصر مستغنٍ به عن حمل الزاد والمزاد فإنه يُتم الصلاة.

قالوا: ولهذا أتم هو الصلاة بمنًى؛ لأن أهلها في ذلك الوقت كثروا حتى صاروا مصرًا يستغنى من صلى به عن حمل الزاد والمزاد. وهذا المذهب عندنا فاسدٌ؛ لأن مني لم تصر في زمن عثمان أعمر من مكة في زمن رسول الله - عليه السلام - فقد كان رسول الله - عليه السلام - يُصلّي بها ركعتين، ثم صلى بها أبو بكر بعده كذلك، ثم صلى بها عمر بعد في بكر - رضي الله عنه - كذلك، فإذا كانت مكة مع عدم احتياج مَنْ حلّ بها إلى حمل الزاد والمزاد تقصر فيها الصلاة، فما دونها من المواطن أَحْرى أن يكون كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>