للمقيم أن يصلّي بعد الأربع شيئًا بغير تسليم، فهذا هو وجه النظر والقياس، والله أعلم.
ص: فإن قال قائلٌ: فقد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يُتمّون، وذكروا في ذلك ما قد فعله عثمان - رضي الله عنه - بمنًى، وما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا يونس بن بُكير، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت:"أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم أكملت أربعًا وأُثبتت للمسافر".
قال صالح: فحدثتُ بذلك عمر بن عبد العزيز فقال: عروة حدثني، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أنها كانت تصلي في السفر أربعًا".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبةُ، عن الحكم، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال:"استَأْذنتُ حذيفة من الكوفة إلى المدائن، ومن المدائن إلى الكوفة في رمضان، فقال: آذن لك على أن لا تُفْطر ولا تُقصّر. فقلت: وأنا أكفل لك أن لا أُقصر ولا أفطر".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا رَوْحٌ، قال: ثنا ابن عون قال: "قدمتُ المدينة، فأدركت ركعةً من العشاء، فصنَعْتُ شيئًا برأيي، فسألت القاسم بن محمد، فقال: كنتَ ترى أن الله يعذبك لو صليت أربعًا؟ كانت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - تُصلّي أربعًا وتقول: المسلمون يصلون أربعًا".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روحٌ، قال: ثنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: "أيُّ أصحاب رسول الله - عليه السلام - كان يُوَفّي الصلاة في السفر؟ فقال: لا أعلمه إلا عن عائشة وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنها -".
فهذا عطاء قد حكى عن سَعْد، وقد رُوي عنه خلاف ذلك في حديث الزهري، وحبيب بن أبي ثابت.