للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وكان النظر عندنا في ذلك أنَّا رأينا الفروض المجتمع عليها لابد لمن هي عليه من أن يأتي بها ولا يكون له خيارٌ في أن لا يأتي بما عليه منها، وكان ما أُجْمِع عليه: أن للرجل أن يأتي به إن شاء، وإن شاء لم يأت به، فهو التطوع، إن شاء فعله، وإن شاء تركه، فهذه هي صفة التطوع، وما لا بد من الاتيان به فهو الفرض، وكانت الركعتان لابد من المجيء بهما وما بعدهما ففيه اختلاف، فقوم يقولون: لا ينبغي أن يؤتى به، وقومٌ يقولون: للمسافر أن يجيء به إن شاء وله أن لا يجيء، فالركعتان موصوفتان بصفة التطوع، فهو تطوع، فثبت بذلك أن المسافر فرضه ركعتان، وكان الفرض على المقيم أربعًا فيما يكون فرضه على المسافر ركعتين، فكما لا ينبغي للمقيم أن يصلي بعد الأربع شيئًا بغير تسليم، فكذلك لا ينبغي للمسافر أن يُصلّي بعد الركعتين شيئًا من غير تسليم.

فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: ملخص هذا: أن ما كان فرضًا بالإجماع لا بد من إتيانه كله وليس له خيار في تركه، وما كان تطوعًا بالإجماع فله الخيار فيه إن شاء أتى به وإن شاء تركه، والركعتان من الرباعية لابد للمسافر من الإتيان بهما بالإجماع وما بعدهما من الآخريين فيه خلاف:

فقدم يقولون: لا ينبغي أن يؤتى به -وأراد بهم: الثوري وأبا حنيفة وأصحابه- فإن أتى به يكون نفلًا.

وقوم يقولون: له أن يجيء به إن شاء وإن شاء لا يجيء به، وأراد بهم: عطاء، والشافعي، ومالكًا، وأحمد؛ على ما ذكرناه في صدر الباب، فإذا كان الأمر كذلك تكون تلكما الركعتان موصوفتين بصفة التطوع، وما كان موصوفًا بصفة التطوع فهو تطوع، فالركعتان الأخيرتان من الرباعية للمسافر تطوع، فإذا كان كذلك كان ينبغي أن لا يصلي بعد الركعتين الأولين شيئًا من غير تسليم، كما كان لا ينبغي

<<  <  ج: ص:  >  >>