للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيوب الشفق كما في رواية أبي داود، ففي هذه كلها دليل على أن صفة الجمع على ما قلنا، وأنه جمع فعلًا ووقتًا.

ثم إسناد حديث ابن عمر صحيح من الوجهين كليهما، ورجالهما رجال الصحيح ما خلا شيخي الطحاوي، والعارم لقب، واسمه محمد بن الفضل السدوسي، ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري، وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم -.

وقد أخرج الطحاوي الحديث عن قريب من غير هذا الوجه.

وأخرجه أبو داود (١): عن سليمان بن داود العتكي، عن حماد، عن أيوب، عن نافع ... إلى آخره، وقد ذكرناه هناك.

وأخرجه الترمذي (٢): عن هناد، عن عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه استغيث على بعض أهله فجد به السير، فأخّر المغرب حتى غاب الشفق، ثم نزل فجمع بينهما، ثم أخبرهم أن رسول الله - عليه السلام - كان يفعل ذلك إذا جدّ به السير". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

ص: فكان من الحجة عليهم لمخالفيهم أن حديث أيوب الذي قال فيه: "فسار حتى غاب الشفق ثم نزل" كل أصحاب نافع لم يذكروا ذلك لا عبيد الله ولا مالك ولا الليث ولا من قد روينا عنه حديث ابن عمر في هذا الباب، وإنما أخبر بذلك من فعل ابن عمر، وذكر عن النبي - عليه السلام - الجمع ولم يذكر كيف جمع، فأما حديث عبيد الله: "أن رسول الله - عليه السلام - جمع بينهما". ثم ذكر جمع ابن عمر كيف كان وأنه كان بعد ما غاب الشفق، فقد يجوز أن يكون أراد أن صلاة العشاء الآخرة التي بها كان جامعًا بين الصلاتين بعد ما غاب الشفق، وإن كان قد صلى المغرب قبل غييوبة الشفق؛ لأنه لم يكن قط جامعًا بينهما، حتى صلى العشاء الآخرة، فصار بذلك جامعًا بين المغرب والعشاء، وقد روى ذلك غير أيوب مفسرًا على ما قلنا.


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٥ رقم ١٢٠٧).
(٢) "جامع الترمذي" (٢/ ٤٤١ رقم ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>