للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد، قال: أخبرني نافع: "أن ابن عمر - رضي الله عنهما - جدّ به السير، فلا روحةً لم ينزل إلا لظهر أو لعصر، وأخّر المغرب حتى صرخ به سالم فقال: الصلاة، وصمت ابن عمر حتى إذا كان عند غيبوبة الشفق نزل فجمع بينهما، وقال: رأيت النبي - عليه السلام - يصنع هكذا إذا جدّ به السير".

قال أبو جعفر -رحمه الله-: ففي هذا الحديث أن نزوله للمغرب كان قبل أن يغيب الشفق فاحتمل أن يكون قول نافع: "بعد ما غاب الشفق" في حديث أيوب إنما أراد به قربه من غيبوبة الشفق لئلا يتضاد ما روى عنه في ذلك.

ش: هذا جواب عن المعارضة المذكورة أي فكان من الحجة على أهل المقالة الأولى للذين خالفوهم فيما ذهبوا إليه؛ وهم أهل المقالة الثانية، بيان ذلك: أن أصحاب نافع مثل عبيد الله بن عمر ومالك بن أنس والليث بن سعد الذين رووا هذا الحديث عنه لم يذكروا في حديثهم ما ذكره أيوب السختياني عنه من قوله: "فسار حتى غاب الشفق" ولا ذكر ذلك أيضًا من روى هنا غير نافع عن ابن عمر في هذا الباب مثل سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله، ومثل إسماعيل بن أبي ذئب عن عبد الله، وهو معنى قوله: ولا من قد روينا عنه حديث ابن عمر في هذا الباب، وإنما أخبر نافع بذلك عن فعل ابن عمر لا عن فعل النبي - عليه السلام -، وإنما الذي ذكر عن النبي - عليه السلام - أنه جمع بينهما، ولم يذكر كيف جمع، ولو كان ما فعله ابن عمر منقولًا عن فعله النبي - عليه السلام - لكان يتم استدلال الخصم به، فحيث لم يكن منقولًا عن فعله - عليه السلام - لم يتم استدلالهم به، على أن غير أيوب قد روى ذلك مفسرًا، وهو رواية أسامة بن زيد، عن نافع: "أن ابن عمر جد به السير ... " الحديث، وفيه أن نزوله للمغرب كان قبل أن يغيب الشفق، وهو يخالف رواية أيوب عنه.

وبينهما تضاد ظاهرًا، فيتعين التوفيق بينهما؛ دفعًا للتضاد، ووجهه أن تحمل رواية أيوب عن نافع: "بعد ما غاب الشفق" على أن المراد به قربه من غيبوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>