ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الظهر والعصر وقتهما واحد، قالوا: ولذلك جمع النبي - عليه السلام - بينهما في وقت إحداهما، وكذلك المغرب والعشاء في قولهم، وقتهما وقت واحد، لا يفوت إحداهما حتى يفوت وقت الأخرى منهما.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء بن أبي رباح وطاوسًا ومجاهدًا وسالم بن عبد الله وإسحاق بن راهويه والشافعي ومالكًا وأحمد وداود وأبا ثور؛ فإنهم قالوا: وقت الظهر والعصر وقت واحد ولأجل ذلك جمع النبي - عليه السلام - بينهما في وقت إحداهما، وكذلك المغرب والعشاء.
وقال أبو عمر (١): اختلف الفقهاء في هذا الباب، فروى ابن القاسم عن مالك -وهو رأيه-: لا يجمع المسافر في حج أو عمرة إلا أن يجد به السير أو يخاف فوات أمر فيجمع في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، وكذلك في المغرب والعشاء إلا أن يرتحل عند الزوال فليجمع حينئذ في الرحلة بين الظهر والعصر، ولم يذكر في العشائين الجمع عند الرحيل أول الوقت، وقال سحنون: وهما كالظهر والعصر يجمع بينهما عند الرحيل، قال أبو الفرج: وأصل هذا الباب الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، والمغرب والعشاء بمزدلفة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سافر وقصر وجمع بينهما كذلك، والجمع أيسر من التقصير، فوجب الجمع بينهما في الوقت الذي جمع بينهما رسول الله - عليه السلام -، وهو قول الشافعي وأصحابه وعطاء بن أبي رباح وسالم بن عبد الله بن عمر وجمهور علماء أهل المدينة وأبي ثور وأحمد وإسحاق وداود في أن يجمع المسافر بين الصلاتين إن شاء في وقت الأولى، وإن شاء في وقت الآخرة، وقال الشافعي وداود وأصحابهما: ليس للمسافر أن يجمع بين الصلاتين ولا يؤخر صلاة عن وقتها إلا بنية الجمع. وقال الطبري: للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر ما بين الزوال إلى أن تغيب الشمس، وبين المغرب والعشاء ما بين مغيب الشمس إلى طلوع الفجر، وقال أحمد بن حنبل: وجه الجمع أن يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر