للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: ما أدركت أحدًا من فقهائنا إلاَّ وهو يقول ذلك.

وهو مرويٌّ عن ابن عباس، وزيد بن ثابت، وسالم، والقاسم بن محمد، وعروة، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وقتادة، والزهري، وبقية الفقهاء السبعة، وغيرهم؛ وهو مذهب مالك، والشافعي، وداود، وأبي ثور، ورواية عن أحمد.

الثاني: أنَّ المراد بالأقراء هي الحيض؛ فلا تنقضي العدَّة حتى تطهر من الحيضة الثالثة؛ وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، ويروى ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.

قال القاضي: الصحيح عن أحمد: أنَّ الأقراء الحيض، وإليه ذهب أصحابنا.

وأحتج من قال: إنَّها الأطهار، بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، وإنَّما الأمر بالطلاق في الطهر لا في الحيض.

كما استدلوا بحديث ابن عمر: "فليراجعها حتى تطهر، ثمَّ تحيض، ثمَّ تطهر"، ووجه الدلالة منه: أنَّه أمره أنْ يطلقها في الطهر الَّذي هو ابتداء العدَّة؛ فدل على أنَّ القرء هو الطهر.

أمَّا دليل من يرى أنَّ القرء هو الحيض، فيستدل بقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} الآية [الطلاق: ٤] فقد نقلن عند عدم الحيض إلى الاعتداد بالأشهر؛ فيدل على أنَّ الأصل الحيض، ولأنَّ المشهور في لسان الشارع استعمال القرء بمعنى الحيض؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "تدع الصلاة أيَّام قرئها" [رواه أبو داود]، وبما رواه النسائي من حديث فاطمة بنت أبي حُبَيْش؛ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: "إذا أتى قرؤك فلا تصلي، وإذا من قرؤك فتطهري، ثمَّ صلي ما بين القرء إلى القرء"، ولأنَّ ظاهر قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وجوب التربص ثلاثة كاملة، ومن جعل القرء الأطهار يكتفي

<<  <  ج: ص:  >  >>