ثانياً: شرط الخيار مخالف لمقتضى العقد. لأن مقتضاه اللزوم، وشرط الخيار يجعله غير لازم. وكل شرط يخالف مقتضى العقد فهو باطل!!! هذه هي أدلة المانعين لاشتراط الخيار في البيع عرضنا لها عوضاً موجزاً سريعاً. فإما أدلة المجوزين -وهم جماهير العلماء- فإنهم استدلوا بأدلة من السنة والمعقول. أما أدلتهم من السنة: فتنحصر في أربعة أحاديث: الحديث الأول: ما رواه عبد الرازق في مصنفه من حديث أبان بن أبي عباس عن أنس -رضي اله عنه-: "أن رجلاً اشترى من رجل بعيراً واشترط عليه الخيار أربعة أيام. فأبطل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيع وقال: "الخِيَارُ ثَلاثَةُ أيَّامٍ" وهذا حديث صريح في جواز اشتراط الخيار في البيع، وأنه إلى ثلاثة أيام. الحديث الثاني: ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الخِيَارُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ" أخرجه الدارقطني في سننه من طريق أحمد بن عبد الله بن ميسرة. الحديث الثالث: ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "المُتَبَايِعَانِ بِالخِيَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إلاَّ بَيْعَ الخِيَارِ" حديث صحيح. ووجه الاستدلال به على المطلوب هو أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- استثنى من لزوم البيع في حال الافتراق البيع الذي عقد على الخيار. وهذا هو البيع مع اشتراط الخيار. الحديث الرابع: وهو أعظم ما عول عليه القوم في هذا المقام فما روي أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري كان يغبن في البياعات، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خُلاَبَةَ، وَلِي الخِيَارُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ" روي هذا الحديث بهذا اللفظ في كتب كثير من الحنفية كفتح القدير والزيلعي والمبسوط. وهذه الرواية أصرح روايات هذا الحديث الذي روي بألفاظ كثيرة، من حيث يريد الفقهاء أن يستدلوا بها على مشروعية خيار الشرط، ولذا آثرنا ذكرها دون غيرها. وجه الاستدلال بهذا الحديث على المطلوب هو أمره -عليه الصلاة والسلام- لحبان أن يشترط الخيار لنفسه، ليدفع عنها الغبن الذي يلحقه من جراء انخداعه في البياعات، إذا ما تبين له ذلك فيما بعد بفسخة البيع واسترداده الثمن إن كان قد دفعة. وأما المعقول: فهو أن الحاجة قد تدعو إلى هذا النوع من البيوع -أعني اليع مع شرط الخيار-. إما لأن العاقد غير خبير بالسوق أو بالسلعة فيحتاج إلى شرط الخيار لنفسه أو لغيره ممن يرى فيه الكفاءة ويثق في ذمته ونصحه ليدفع عن نفسه مغبة الغبن والخديعة. وإما لأنه يريد أن يختبر المبيع حتى يرى ما إذا كان يحقق الغرض الذي ابتاعه من أجله؟. وإما لأنه يريد أن يعرضه على صديق له أو قريب يهمه أن يكون راضياً عن السلعة. وهكذا من الأغراض الوجيهة التي لا يمكن للعاقد إن يقطع برأي حاكم فيها حين العقد، ويحتاج أن يتروى فيها، ويتثبت غاية التثبت حتى يكون الرضا قائماً على أساس قوي، وركن متين من العلم الصحيح، فيشترط الخيار حتى إذا لم يعجبه فسخ البيع وتخلص من لزومه له. وفي مثل هذا بقول صاحب =