للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "كخيار الشرط" معلّم -بالحاء والألف- لأن عند أبي حنيفة وأحمد خِيَار الشَّرط غير موروث، وبالواو أيضاً؛ لأن عن صاحب "التقريب": أن بعض أئمتنا خرج قولاً من خيار المجلس في خيار الشرط: أنه لا يورث.

وقوله: "ويثبت عند جنون أحد المتعاقدين"، معلَّم بالواو لما مر.

قال الغزالي: وَلَوْ تَنَازَعَا في جَرَيَانِ التَّفَرُّقِ، فَالأَصْلُ عَدَمُهُ، ومَنْ يَدَّعِيهِ يُطَالَبُ بِالبَيِّنَةِ، وَلَوْ تنَازَعَا في الفَسْخِ بَعْدَ الاتِّفَاقِ عَلَى التَّفَرُّقِ، فَالأَصْلُ عَدَمْ الفَسْخِ (و).

قال الرافعي: في الفصل صورتان هَيِّنتا الخطب.

إحداهما: لو جاء المُتَعَاقِدَان معاً، فقال أحدهما: تفرقنا بعد البيع، وأنه قد لزم، وأنكر الثَّاني التفرق وأراد الفسخ، فالقول قول الثاني مع يمينه؛ لأن الأصل دوام الاجْتِمَاع، وعلى من يدعي خلافه البينة (١).

ولك أن تقول: هذا بين إن قصرت المُدَّة، ولكنها إن طالت فدوام الاجتماع خلاف الظاهر، وإن كان على وفاق الأصل، فلا يبعد تخريجه على الخلاف المشهور في تعارض الأصل والظاهر، والأصحاب لم يفرقوا بين الحالين.

الثَّانية: اتَّفقا على التَّفرق، وقال أحدهما: فسخت قبله وأنكر الآخر، فالقول قول الآخر مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الفسخ، وعلى المدعي البينة، هذا هو الظاهر، وبه أجاب في الكتاب.

وعن صاحب "التقريب": أن القول قول من يدعي الفسخ؛ لأنه أعرف بتصرفه.

ولو اتفقا على عدم التفرق وتنازعا هكذا.

ففي "التهذيب": أن دعوى مدعي الفسخ فسخ.

قال الغزالي: السَّبَبُ الثَّانِي: الشَّرْطُ قَالَ عَلَيهِ السَّلاَمُ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ في البُيُوعِ: إِذَا بَايَعتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ، وَاشْتِرَاطُ الخِيَارِ ثَلاَثةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ (م)، وَلاَ التَّقْدِيرُ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ، وَلاَ الإِبْهَامُ في أَحَدِ العَبْدَينِ.

قال الرافعي: الأصل في خيار الشَّرْط الإجماع، وما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- "إذَا


(١) [قال الشيخ الإمام السبكي -رحمه الله-: ينبغي أن يقال من سبق بدعوى الفسخ قبل قوله وإن تساويا أو سبق أحدهما بدعوى التفرق صدق الثاني. قال الأذرعي وعن ابن القطان حكاية أوجه: أحدها: يصدق من سبق الدعوى] موافقاً لهذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>