للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن في انقطاعه وجهان كالقولين في صورة الموت، وهنا أولى ببقاء الخيار؛ لأن إبطال حقه قهراً مع بقائه بعيد، فإن لم يُمنع من الفسخ فطريقان على العكس: أظهرهما: أنه في انقطاع الخِيَار وجهين:

أحدهما: وبه قال أبو إسحاق: ينقطع، لأن سُكُوته عن الفَسْخ مع القدرة رضا بالإِمْضَاء. وأصحهما: أنه لا ينقطع؛ لأنه مكره في المفارقة وكأنه لا مفارقة، والسكوت عن الفَسْخ لا يبطل الخياركما في المجلس.

الثاني: القطِع بالانقطاع، وهو اختيار الصَّيْدَلاَني، فإن قُلْنَا: ينقطع خياره، انقطع خيار المَاكث أيضاً، وإلا فله التَّصرف بالفَسْخ والإجازة إذا وجد التمكن، وهل هو على الفور؟ فيه ما سبق من الخلاف. فإن قلنا: لا، وكان مستقرّاً حين زايله الإِكْرَاه في مجلس ابتداء الخِيَار امتد الخيار امتداد ذلك المَجْلس، وإن كان مارّاً فإذا فارق في مروره مكان التَّمكن، انقطع خياره وليس عليه الانْقِلاَب إلى مجلس العقد ليجتمع مع العاقد الآخر إن طال الزمان، وإن لم يطل ففيه احتمال عند الإمام.

وإذا لم يبطل خيار المُخْرَج لم يبطل خيار المَاكث أيضاً، إن منع من الخروج معه، وإن لم يمنع بطل في أصح الوجهين .. ولو ضربا حتى تفرقا بأنفسهما، ففي انقطاع الخيار قولان كما في حنث المكره.

ولو هرب أحدهما لم يتبعه الآخر مع التمكن بطل خيارهما، وإن لم يتمكَّن من متابعته، ففي "التهذيب": أنه يبطل خِيَار الهَارِب دون الآخر (١).

المسألة الثالثة: إذا جُن أحد المتعاقدين أو أغمي عليه لم ينقطع الخيار، لكن يقوم وَلِّيُه أو الحاكم مقامه، فيفعل ما فيه الحَظِّ من الفسخ والإجازة.

وفيه وجه مخرج من الموت، أنه ينقطع، وعلى المذهب: لو فارق المجنون مجلس العقد. قال الإمام: يجوز أن يقال: لا ينقطع الخيار؛ لأن التصرف انقلب إلى القوام عليه، ويعارضه أنه لو كان كذلك لكان المجنون كالموت.

ولو خرس أحد المتعاقدين في المجلس، فإن كانت له إشارة مفهومة أو كتابة، فهو على خياره، وإلاَّ نصب الحاكم نائباً عنه.

وقوله: "في مسألة الموت": فيه قولان يجوز إعلامه بالواو، للطريقين الآخرين.


(١) [أطلق الفوراني، والمتولي، وصاحبا "العدة" و"البيان" وغيرهم: أنه يبطل خيارهم بلا تفصيل، وهو الأصح، لأنه تمكن من الفسخ بالقول، ولأن الهارب فارق مختاراً، بخلاف المكره، فإنه لا فعل له] ينظر الروضة (٣/ ١٠٣ - ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>