للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل المصنف عن والده: أن مناط الخلاف إنما هو خطاب التكليف وما يرجع إليه من الوضع، لا إتلاف الأموال ولا الجنايات، ولا ترتب آثار العقود (١)، فإن الكافر، والمسلم في ذلك سيّان.

وأقول: هذا كلام لا طائل تحته؛ لأن محل النزاع أن ما له شرط شرعي هل يجوز التكليف به قبل وجود الشرط، أم لا؟ كما تقدم، وما لا خطاب تكليف فيه لا صريحًا، ولا ضمنًا، فهو خارج عن البحث.

ثم مسألة تكليف الكافر بالفروع من جزئيات تلك القاعدة المذكورة فيما كان له شرط شرعي: كالإيمان، والطهارة، وستر العورة للصلاة، وأما ما لا شرط له شرعي (٢) يتوقف عليه: كالإتلاف والجنايات، وترتب آثار العقود - فلا وجه للاختلاف فيه (٣).


(١) لأن هذه الأحكام من خطاب الوضع الصرف، والكفار كالمسلمين فيها ما لم يكن الكافر حربيًا، ولا بد من وجود الشروط، وانتفاء الموانع في معاملاتهم، والحكم بصحتها أو فسادها، وترتب آثار كل عليه من بيع، ونكاح، وطلاق، وغيرها، ويشهد لذلك أن الإمام أبا حنيفة قال بصحة أنكحتهم، مع قول أصحابه بعدم تكليفهم بالفروع في الأحكام التكليفية لا الوضعية.
راجع: أصول السرخسي: ١/ ٧٣، والإبهاج: ١/ ١٧٩، والقواعد لابن اللحام: ص / ٥٥، والتمهيد: ص / ١٣٢، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٢١٢ - ٢١٣، والأشباه والنظائر لابن نجيم: ص / ٣٢٥، ٣٧٥.
(٢) آخر الورقة (٢٢ / ب من ب).
(٣) يرى العبادي أن تفصيل والد المصنف في محله، وأن اعتراض الشارح لا محل له، أما الإمام الزركشي فيرى أن كلام أصحاب الشافعي على إطلاقه، ولا وجه لتفصيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>