للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستصوبه بعض الفضلاء (١) محتجًّا: بأنه لا معنى لكون الإيمان شرطًا شرعيًّا لترك الزنى، أو لصحته (٢)، وليس بشيء؛ لأن الإتيان بالمأمور به، والاجتناب عن المنهي عنه للامتثال يتوقف على النية ليصير شرعيًّا، فلا تفاوت بين كف النفس وسائر الأفعال، فكما أن الإيمان شرط في الصلاة ليعتد بها شرعًا (٣)، فكذلك شرط لترتب الثواب على كف النفس الموعود بقوله: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤٠].

وقال طائفة: المرتد مكلف لاستصحاب أحكام الإسلام لا غيره (٤)،

وقد عرفت عدم الفرق في النصوص.


(١) جاء في هامش (أ): "هو العلامة التفتازاني"، وراجع: حاشيته على شرح العضد على المختصر: ٢/ ١٢.
(٢) يعني لصحة الترك كي يكون صحيحًا شرعًا، بل لصحة الإيمان.
(٣) يرى الإمام الشاطبي: أن الإيمان ليس شرطًا للعبادة والتكليف، بل هو العمدة في التكليف؛ لأن معنى العبادة هو التوجه إلى المعبود بالخضوع والتعظيم بالقلب والجوارح، وهذا فرع الإيمان، فكيف يكون أصل الشيء وقاعدته شرطًا فيه؟ ! ثم يقول: "وإذا توسعنا في معنى الشرط، فيكون شرطًا عقليًّا، وليس شرطًا شرعيًا، أو شرطًا في المكلف، وليس في التكليف". الموافقات: ١/ ١٨١، وانظر: حاشية التفتازاني على العضد: ٢/ ١٢ - ١٣، وتيسير التحرير: ٢/ ١٤٨ - ١٤٩.
(٤) نقل هذا القول القرافي عن القاضي عبد الوهاب المالكي وأنه قاله في الملخص ثم قال القرافي: "ومرَّ بي في بعض الكتب -لست أذكره الآن- أن الكفار وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة، فالجهاد خاص بالمؤمنين لامتناع قتالهم -أي الكفار- أنفسهم". شرح تنقيح الفصول: ص / ١٦٦. ويمكن أن يكون هذا مذهبًا رابعًا في المسألة، وانظر التمهيد: ص/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>