للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق: أن الإمام ذكر في المحصول في أول المقالة ما نسبه إليه المصنف، ثم في آخر الفصل ذكر الإجماع على جوازه في زمننا لانقطاع المجتهدين، وكأن المصنف لم يقف على آخر كلامه (١)، فجزم بأنه يمنع مطلقًا، وليس كذلك بل يفصل إن وجد الحي، فلا يجوز، وإن لم يوجد جاز إجماعًا.

وأغرب من كلام المصنف كلام بعض شراحه (٢) حيث يقول:


(١) قال الإمام في صدر المسألة: "فإن حكى عن ميت لم يجز الأخذ بقوله لأنه لا قول للميت بدليل أن الإجماع لا ينعقد مع خلافه حيًا، وينعقد بعد موته. وهذا يدل على أنه لم يبق له قول بعد موته. . . " ثم افترض اعتراضًا في آخر المسألة قائلًا: "ولقائل أن يقول: إذا كان الراوي عدلًا ثقة متمكنًا من فهم كلام المجتهد الذي مات، ثم روى للعامي قوله، حصل للعامي ظن صدقه. . . " وأيضًا فقد انعقد الإجماع في زماننا هذا على جواز العمل بهذا النوع من الفتوى؛ لأنه ليس في هذا الزمان مجتهد، والإجماع حجة. المحصول: ٢/ ق/ ٣/ ٩٧ - ٩٨.
قلت: نقل المصنف عن الإمام صحيح كما ترى إذ ذلك مذهبه الصريح في المسألة، وما ذكره في آخرها بناء على قول القائل، وليس على أنه مختاره فيها إلا أنه لم يعقب على ذلك وسكت عنه، ففهم الشارح أن ما قاله آخرًا وسكت عنه هو مختاره في المسألة.
وممن قال بعدم جواز تقليد الميت أبو الحسين البصري، وقال الغزالي: "وقد قال الفقهاء: يقلده وإن مات، لأن مذهبه لم يرتفع بموته، وأجمع علماء الأصول على أنه لا يفعل ذلك" وأيد هذا القول الشوكاني.
راجع: المعتمد: ٢/ ٣٦٠، والمنخول: ص/ ٤٨٠، وإرشاد الفحول: ص/ ٢٦٩.
(٢) جاء في هامش (أ): "الزركشي".

<<  <  ج: ص:  >  >>