للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي في هذا نظر: لأن امتثال الأمر في التعبدي أحمز، وأشق على النفس من المعلل، فزيادة الأجر أوفق بأصول الشرع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الأعمال أحمزها" (١)، وإذا كان العلة محل الحكم، أو جزءَه الخاص، أو وصفه اللازم لا يمكن التعدية، فهذه الثلاثة من فروع التعليل بالقاصرة لأنها لا توجد بدونها (٢).

مثال الأول: تعليل حرمة الربا في النقدين بكونهما نقدين.

ومثال الثاني: تعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما.

ومثال الثالث: تعليل حرمة الربا في النقدين بكونهما قيم الأشياء، وقيد الجزء بالخاص، احتراز من الجزء العام، لأنه لا يكون علة إلا في المتعدية، وكان عليه أن يقيد اللازم - أيضًا - بالخاصة، لأن اللازم العام، كالجزء العام.


(١) حمز الرجل من باب ظرف، أي: اشتد، وأحمزها، أي: أقواها، وأشدها يقال: رجل حامز الفؤاد، وحميزه، أي: شديد، والحديث ذكره ابن الأثير في النهاية عن ابن عباس بلفظ سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ قال: "أحمزها" قال العجلوني: "قال في الدرر تبعًا للزركشي لا يعرف، وقال ابن القيم في شرح المنازل: لا أصل له، وقال المزي: هو من غرائب الأحاديث، ولم يرد في شيء من الكتب الستة، وقال القاري في الموضوعات الكبرى: معناه صحيح لما في الصحيحين عن عائشة: "الأجر على قدر التعب".
راجع: النهاية لابن الأثير: ١/ ٤٤٠، ومختار الصحاح: ص/ ١٥٤، وكشف الخفاء: ١/ ١٧٥، وأسنى المطالب: ص/ ٤٧.
(٢) راجع: الإبهاج: ٣/ ١٣٩، وتشنيف المسامع: ق (١٠٨/ ب)، والغيث الهامع: ق (١١٦/ أ)، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٢٤٢، وهمع الهوامع: ص/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>