للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عبَّر سيبويه عن وظيفة التنبيه لـ «أَلَا» قائلا: «وأمَّا ألا فتنبيه، تقول: ألا إِنَّه ذاهبٌ. ألا: بلى») (١).

ولابد لكي تخلص ألا للتنبيه أَنْ تقوم قرينة السِّياق ونبرات صوت المُتَكَلِّم وكلماته لتدل على ذلك. والتنبيه يقتضي عقلا: مُنَبِّه ومُنَبَّه، ومنبه عليه؛ لذلك قال عبد القاهر: «التنبيه لا يكون إلا على معلوم») (٢).

١ ــ الأداة «إِمَّا»:

الأداة «إِمَّا» ــ بكسر الهمزة وتشديد الميم ــ هي «حرف تفصيل غير عامل واجب التكرار») (٣). وتفيد عدة معاني: التخيير، الإباحة، الإبهام، الشك) (٤).

وقد تحدَّث سيبويه عن هذه الأداة قائلا: «ومن النعت أيضا: مررت برجلٍ إمّا قائمٍ وإمّا

قاعدٍ، فقد أَعلمهم أَنَّهُ ليس بمُضْطَجِعٍ ولَكِنَّه شكّ فى القيام والقعودِ، وأَعلمهم أَنَّهُ على أحدهما») (٥).

ونلاحظ في نصّ سيبويه هذا أَنَّ «إِمَّا» تدلُّ على ثلاثة معان: «معنيين محصورين»، ومعنى «مستبعد»، ففي مثَل سيبويه في نصه السابق: «مررت برجلٍ إمّا قائمٍ وإمّا قاعدٍ، فقد أَعلمهم أَنَّهُ ليس بمُضْطَجِعٍ» معنيان محصوران: «القيام والقعود»، ومعنى مستبعد «الاضطجاع» وأعتقد أَنَّ هذا المعنى الثالث المعنى المستبعَد لابد من اعتباره مع هذه الأداة؛ أي أَنَّ هذه الأداة إذا دَلَّت على الشك ارتبط بها معنيان محصوران ومعنى مستبعد، ودليلي على اعتبار هذا المعنى الثالث لهذه الأداة إضافة سيبويه التي أضافها بعد المثل: «فقد أَعلمهم أَنَّهُ ليس بمُضْطَجِعٍ». فقد كان في مُكنته أَنْ يقول: «مررت برجلٍ إمّا قائمٍ وإمّا قاعدٍ، لكن القائل شكّ فى القيام والقعودِ»؛ فلو لم تكن لعبارة سيبويه «فقد أَعلمهم أَنَّهُ ليس بمُضْطَجِعٍ» فائدة في الكلام لما ذكرها، ولكانت عبارة لا قيمة لها، ونعلم أَنَّ لكلِّ لفظة في الكتاب لها قيمتها وخطرها. أي أَنَّنا يمكن أَنْ نقعد للإداة «إِمَّا» ــ من خلال كلام سيبويه ــ بقولنا: إِنَّ هذه الأداة تدلُّ إذا أتت لمعنى الشك على ثلاثة معان: معنيين محصورين ومعنى مستبعد.


(١) سيبويه: الكتاب، ٤/ ٢٣٥
(٢) دلائل الإعجاز، ١٤٥
(٣) د. على توفيق الحمد: معجم أدوات النحو العربي، ص ٧١
(٤) السابق: ص ٧١ ــ ٧٢
(٥) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤٢٩

<<  <   >  >>