جهتين، وكذلك الحكم فيما زاد على ذلك، وهاتان الحركتان متشابهتان في أنفسهما، شاملتان لجميع ما يختص به علوا من الكواكب والأجرام، ثم إنّه نجد النيِّرين والخمسة من الكواكب ذوي حركات مختلفة غير متشابهة، لا في أنفسها، ولا يقاس بعضها إلى بعض، فلذلك أثبت أهلُ العلم تسعة أفلاك في بادئ قولهم، اثنين منها للحركتين المذكورتين، وسبعة للسيّارات السبعة. ولما لم يكن لباقي الكواكب حركةٌ غيرُ الأولتين، اكتفوا بإحدى فلكيهما مكانًا لها، وإن كان كونها على أفلاك شتى جائزًا. وأيضا، إسناد إحدى الأوليين إلى المجموع لا إلى فلك خاص به لم يكن ممتنعًا، لكنهم لم يذهبوا إلى ذلك، فجعلوا أعلى الأفلاك للحركة الأظهر، على أنّه غير مكوكب، وسمّوه فلك البروج وفلك الثوابت، وسمّوا كواكبَه ثوابتًا إما لقلّة حركاتها الثابتة، أو لثبات أوضاعها أبدًا، والسبعة الباقية للسيّارات السبعة على ترتيب خسف بعضها بعضًا، اقصاها لزُحَل، وما يليه للمشتري، ثم للمرِّيخ، والأدنى للقمر، والذي فوقه لعُطارِد، ثم للزُّهْرة، وجعلوا الشمس في الفلك الأوسط بين هذه وتلك، وإن لم تنكسف إلا بالقمر؛ استحسانًا لما في ذلك من حسن الترتيب وجودة النظام، إذ النسبة مربوطة، منها العلويّة بوجه، والسفليّان بوجه، والقمر بوجه آخر غيرهما، وكان أيضًا بُعدُها معلومًا (١) من الأرض مناسبًا لهذا الوضع.
وقد قيل: إنّ الزُّهْرة رؤيت في بُعدها الأبعد والأقرب، كاشفة إياها كحالة في صفحتها، ويجب أن ينقسم كل واحد من الأفلاك السبعة إلى أفلاك تتألّف حركة كوكبة المركّب منها بمطابقة لما يوجد، فهذه السبعة هي التي لم يجوِّزوا أن يكون أقلَّ منها، وأما في جانب الكثرة فلا قطع.
وبفلك القمر تتناهى الفلكيّات، وتكون ما دونه العنصريّات، وهي أيضًا طبقات: طبقة النار الصرف، ثم طبقة لما يمتزج من النار والهواء الحار التي