للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قدر، و) أن (الأمر أنف) بضم الهمزة والنون. أي: مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من اللَّه تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه، وأنف كل شيء أوله، ومنه أنف الوجه؛ لأنه أول الأعضاء في السجود، ومنه قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} (١) أي: هذِه الساعة المستأنفة.

(فقال) ابن عمر (إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم) فيه التبرؤ من أهل البدع والفجور (وهم برآء مني) أي: مما أعتقده.

(والذي يحلف به عبد اللَّه بن عمر) هذِه كناية عن الحلف باسم اللَّه، فإنه هو الذي كان يحلف به غالبًا، ولم يتلفظ به إجلالًا لأسماء اللَّه تعالى عن أن تتخذ عرضة لكثرة الأيمان بها (لو أن لأحدهم مثل) جبل (أحد ذهبًا فأنفقه) في سبيل اللَّه (ما قبل اللَّه (٢) تعالى منه) شيئًا، وهذا ظاهر في تكفير القدرية الأولى الذين نفوا تقدم علم اللَّه تعالى بالكائنات، والقائل بهذا كافر بلا خلاف، وهؤلاء الذين ينكرون القدر هم الفلاسفة، ويجوز أنه لم يرد بهذا التكفير المخرج عن الملة، فيكون من قبيل كفران النعم، إلا أن قوله: (ما قبل اللَّه منه) ظاهر في التكفير، وأن إحباط الأعمال إنما يكون بالكفر، إلا أنه يجوز أن يقال في المسلم: لا يقبل عمله بمعصيته وإن كان صحيحًا، كما أن الصلاة في الدار المغصوبة والثوب المغصوب صحيحة غير محوجة إلى القضاء، وهي غير مقبولة ولا ثواب فيها على المختار عن أصحابنا، واللَّه أعلم.

(حتى يؤمن بالقدر) خيره وشره (ثم قال: حدثني) أبي (عمر بن


(١) محمد: ١٦.
(٢) بعدها في (ل): نسخة: قبله اللَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>