وتجدر الإشارة هنا إلى أن هؤلاء المنكرين للسُّنَّة بدعوى الاستغناء بالقرآن الكريم عنها، ويستدلون على ذلك بالآيات نجد أنهم باستدلالاتهم لا يكتفون بإنكار حجية السُّنَّة فحسب؛ بل يتأولون القرآن ويفسرونه بأهوائهم، ويحمّلون الآيات ما لا تحتمل، ويوجهون معناها الوجهات الخاطئة، إذ إنهم لم يحاولوا فهم القرآن من كل جوانبه؛ بل يأخذون بعض الآيات التي توافق أهوائهم الضالة، ويبنون عليها مذهبهم الفاسد (١).
فالخطأ الذي وقعوا فيه، يؤدي إلى محظورين:
١ عدم الفهم الصحيح للمراد بالآيات.
٢ ضرب القرآن بعضه ببعض.
المحور الثاني: الواقع العملي للأمة منذ صدر الإسلام، حتى يومنا هذا!
الأمة مجمعة على أن القرآن العظيم قد اشتمل على أصول الدين وقواعد الأحكام العامة، في كثير من جوانبه، ومفصلاً في جوانب أخرى.
والله ﷻ أرسل محمدًا ﷺ هاديًا للناس، ومبينًا لهم أحكام دينهم، وبيانه للأحكام الدينية التشريعية بيان لآيات القرآن، إما نصًّا وإما دلالةً.
فلا يمكننا معرفة الناسخ والمنسوخ من آيات القرآن إلا بالسُّنَّة، ولا معرفة أحكام الدين التفصيلية كذلك إلا بالسُّنَّة!
فإن تعطيلها تعطيل لأركان الإسلام العملية: كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج!
فليس في القرآن من أحكام الصلاة سوى تقرير وجوبها وحسن أدائها.
وليس في القرآن عن الزكاة إلا الأمر بأدائها، وبيان الجهات الثمانية المستفيدة منها.
(١) يُنظر: السُّنَّة ومكانتها في التشريع، لمصطفى السباعي (١٥٥ - ١٦٦)، شبهات القرآنيين، لمحمود مزروعة (٥٠ - ٥٦)، حجية السُّنَّة، لعبد الغني عبد الخالق (٣٨٣ - ٣٨٩)، الشبهات الثلاثون، لعبد العظيم المطعني (١٣١ - ١٣٧). حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين (٣٩٧ - ٣٩٨)، القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة، لخادم حسين إلهي بخش (٢١٠ - ٢١٣)، حجية السُّنَّة، لمحمد لطفي الصباغ (٢٩ - ٣٥).