للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ تأويل واستدلال باطل؛ لأن المراد من الكتاب في الآية هو: اللوح المحفوظ (١)؛ يدل على ذلك:

أ دلالة السياق، وأنه المعنى الذي لا يحتاج إلى تأويل ولا تقييد، والدليل على ذلك أن سياق الآية والذي يظهر بأدنى تأمل يدل على أن المعنى المراد بالكتاب: هو اللوح المحفوظ لقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨] (٢).

ب تفسير الكتاب باللوح المحفوظ هو الثابت عن غير واحد من السلف، ولم يثبت مخالفته.

فاللوح المحفوظ هو الذي حوى كل شيء، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات، كبيرها وصغيرها، جليلها ودقيقها، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، على التفصيل التام.

٢ لو سلمنا أنَّ المقصود بالكتاب في هذه الآية: القرآن؛ فلا يصح الاستدلال بالآية على الاستغناء عن السُّنَّة، من وجهين:

أولاً: يكون المعنى: أن القرآن يحتوي على كل أمور الدين، إما بالنص الصريح، وإما ببيان السُّنَّة له.

ثانيًا: أن القرآن لم يُفصّل إلا قليلاً من الأحكام، فلا يمكن الاستغناء به عن السُّنَّة، كما سيأتي بيانه في المحور الثاني.


(١) المقصود ب (الكتاب) في الآية: ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ وهو اللوح المحفوظ، وهذا التفسير ورد عن ابن عباس بروايتين عند:
١ ابن أبي حاتم، يُنظر: تفسيره (٤/ ١٢٨٦).
٢ الطبري، يُنظر: جامع البيان (٩/ ٢٣٢)، وأيضًا يُنظر: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس (١٠٩)، وهو اختيار البغوي في معالم التنزيل (٢/ ١٢٢)، وابن الجوزي في زاد المسير (٢/ ٢٦)، والطّرطوشيّ في تحرير المقال (١/ ١٩٨)، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٤٢٠)، ونسب هذا التفسير إلى أكثر العلماء، شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (٨/ ٢٢١)، وابن القيم في شفاء العليل (٤٠)، والسيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٥)، وابن عثيمين في مجموع فتاويه (٥/ ٢٤٥) وأيضًا (٢٥/ ٤٧١).
(٢) يُنظر: درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية (٩/ ٣٩).

<<  <   >  >>