للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وموتٌ،

أو مميزًا؛ لحديث أبي هريرةَ: أنَّ ثَمَامة بنَ أثال أَسْلَم، فقال النبي : "اذهبُوا به إلى حائطِ بني فلانٍ، فمُرُوه أن يَغتَسِلَ" رواه أحمدُ (١). فيجب الغُسْل سواءٌ وجد منه في كُفْرهِ ما يوجبه أوْ لا، اغتسل قَبْلَ إسلامِه أوْ لا. ووقتُ وجوبهِ على مميِّز كما مرَّ.

الرابعُ من الموجبات: ما أشار بقوله: (وموتٌ) فيجبُ تغسيلُ الميِّت المسلم ولو

الإسلامِ على الصحيح من المذهب، سواءٌ اغتسلَ قبل الإسلام أم لا؛ لعدمِ صحَّة نيَّتِه، إلا حائضًا ونفساء كتابيَّتين اغتسلتَا لوطءٍ لزوجٍ أو سيِّدٍ مسلم، ثمَّ أسلمتا، فلا يلزمُهما إعادةُ الغسل، كما ذكره في "التنقيح" وتبعَه عليه في "الإقناع" (٢). وأنتَ خبيرٌ بما قال المنقِّح، فإن وجدت فيه شيئًا مخالفًا لأصله -أي: "الإنصاف"- فاعتمدْهُ فإنِّي وضعتُه عن تحرير.

"فرعٌ": يحرمُ تأخيرُ إسلامٍ لغُسْلٍ أو غيره، ولو استشارَ مسلمًا، فأشارَ بعدمِ إسلامِه، أو أخَّر عَرْضَ الإسلامِ عليه بلا عُذْرٍ، لم يجز، ولم يصرْ مرتدًّا. ذكره في "الإقناع" (٢).

(أو مميزًا) يعني: يجبُ الغسلُ بإسلامِ الكافر مطلقًا، سواءٌ كان بالغًا، أو كانَ الكافرُ الذي أسلَمَ مميزًا؛ لأن الإسلامَ مُوجِبٌ للغسل، فاستوى فيه الكِبَرُ والصغر، كالوطءِ، ويكونُ وقتُ لزومِ الغُسْل على المميِّزِ الكافرِ، كوقتِ لزومِه على المسلمِ المميِّز، إذا جامع، وهو ما إذا أرادَ ما يتوقَّفُ على غسْلٍ أو وضوءٍ لغيرِ لبثٍ بمسجدٍ، فلم يأثمِ الصغيرُ بتأخيرِ الغُسْل، وإذا أراد ذلك، فمن شرطِه الغُسْل. دنوشري مع زيادة.

(وموتٌ) تعبُّدًا لا عن حدثٍ؛ لأنَّه لو كانَ عن حدثٍ، لم يرتفع مع بقاءِ سببه، وهو الموت، إذ الحائضُ لا يصحُّ غُسْلُها للحيض مع جريان الدم، ويستثنَى من ذلك الشهيدُ


(١) في "مسنده" (٨٠٣٧)، وأخرجه -أيضًا- ابن خزيمة (٢٥٣)، وعبد الرزاق (٩٨٣٤)، و (١٩٢٢٦)، والبزار (٣٣٣) "كشف الأستار".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١/ ٢٨٣: رواه أحمد والبزار … وفي إسناد أحمد والبزار عبد الله بن عمر العمري، وثقه ابن معين وأبو أحمد بن عدي، وضعفه غيرهما من غير نسبة إلى كذب، وقال أبو يعلى: عن رجل، عن سعيد المقبري. قال: فمن كان هو العمري، فالحديث حسن، والله أعلم. اهـ.
(٢) ١/ ١٤٥.