للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَّةَ - وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ - وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلَاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حِيصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نُفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ، وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ) (١).

(هِرَقْلُ): هُوَ صَاحِبُ حُرُوب الشَّامِ، عَظِيمُ الرُّومِ، مَلَكَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَفِي مُلْكِهِ مَاتَ النَّبِيُّ .

وَقُسْطَنْطِينُ الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ هُوَ: قُسْطَنْطِينُ بنُ هِرَقْلَ، وَفِي أَيَّامِهِ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ، وَحَرْبُ صِفِّينَ، مَلَكَ الرُّومَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَلَا يَنْصَرِفُ، لاجْتِمَاعِ التَّعْرِيفِ وَالعُجْمَةِ فِيهِ، قَالَ الفَرَزْدَقُ (٢): [مِنَ الطَّوِيلِ]

فَتَحْتَ لَهُمْ حَتَّى فَكَكْتَ قُيُودَهُمْ … قَنَاطِرَ مَنْ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ قَنْطَرَا

[ … ] مِنْ ضَرْبٍ كِسْرَى وَقَوْمِهِ … وخمرا مِنْ كَنْزَي هِرَقْلَ وقَيْصَرَا

وَ (رَكْبٌ) جَمْعُ: رَاكِبٍ، كَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ، وَشَارِبٍ وَشَرْبٍ، وَصَاحِبٍ


(١) حديث رقم: (٠٧).
(٢) ديوان الفرزدق (ص: ٣٠٠)، وبَيْنَ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ بَيْتٌ آخَرُ لم يَرِدْ في المخْطُوطِ، والرِّوايَةُ فِيه في الَبْيتِ الثَّاني:
لُجَيْنِيَّةً بِيضًا ومَيَّالَةَ العُرَى … هِرَقْلِيَّةً صَفْرَاءَ مِنْ ضَرْبِ قَيْصَرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>