للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[اختلاف المذاهب فيما يجوز للمحرم أكله من صيد البر]-

.....


ابن وهب والبيهقي من طريقه بأسناد حسن من طريق عمرو بن أمية أن الصعب أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم (قال البيهقي) إن كان هذا محفوظا حمل على أنه رد الحى وقبل اللحم (قال الحفاظ) وفى هذا الجمع نظر، فان الطرق كلها محفوظة، فلعله رده حيا لكونه صيد لأجله، ورد اللحم تارة لذلك وقبله أخرى بحيث لم يصده لأجله، وقد قال الشافعى فى الأم إن كان الصعب أهدى له حمارا حيا فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حيا، وإن كان أهدى له لحما فقد يحتمل أن يكون قد علم أنه صيد له اه (وقال القرطبي) يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحاً ثم قطع منه عضوا بحضرة النبى صلى الله عليه وسلم فقدمه له، فمن قال أهدى حمارا أراد بتمامه مذبوحا لا حياً، ومن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبى صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون من قال حمارا أطلق وأراد بعضه مجازا، ويحتمل أنه أهداه له حيا، فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه ظانا أنه إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته فأعلمه بامتناعه أن حكم الجزء من الصيد حكم الكل والجمع مهما أمكن أولى من توهين بعض الروايات اه (وذهبت الأئمة مالك والشافعى وأحمد وداود) الى جواز أكل لحم الصيد للمحرم بشرط أن لا يصيده أو يصاد له بأذنه أو بغير إذنه، فان صاده حلال لنفسه ولم يقصد المحرم ثم أهدى من لحمه للمحرم أو باعه لم يحرم عليه، وحجتهم حديث جابر المذكور فى الباب بلفظ "صيد البر حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم" وبما فى بعض طرق حديث أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال للقوم "كلوا وهم محرمون" وبقوله صلى الله عليه وسلم "هل معكم من لحمه" وفى بعض طرقه أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم أكل منه العضد؟؟؟؟ (وذهب جماعة) إلى أنه لا يحرم عليه ما صيد له بغير إعانة منه، حكاه ابن المنذر عن عمر ابن الخطاب وأبى هريرة ومجاهد وسعيد بن جبير، قال وروى ذلك عن الزبير بن العوام وبه قال أصحاب الرأى (وهو مذهب أبى حنيفة) وحجتهم حديث عمير بن سلمة الضمرى وحديث عبد الرحمن بن عثمان، وما جاء فى الزوائد من الأخبار والآثار المطلقة، وأجاب الشافعية وموافقوهم على الأحاديث المطلقة فى التحريم أو الجواز بأنه لابد من تقييدها بحديث جابر جمعاً بين الأحاديث؛ لأن حديث جابر صريح فى الفرق، وهو ظاهر فى الدلالة للشافعى وموافقيه، وردّ لما قاله أهل المذهبين الآخرين، ويحمل ما جاء مطلقا فى بعض طرق حديث أبى قتادة ونحوه على أنه لم يقصدهم باصطياده، ويحمل حديث الصعب على أنه قصدهم باصطياده، وتحمل الآية الكريمة على الاصطياد وعلى لحم ما صيد للمحرم للأحاديث المذكورة المبينة للمراد من الآية (وأما قولهم) فى حديث الصعب أنه صلى الله عليه وسلم علل حين ردّه بأنه محرم ولم يقل لأنك صدته لنا، فالجواب عنه أنه ليس فى هذه العبارة

<<  <  ج: ص:  >  >>