للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[مذاهب العلماء فيما يحل للمحرم من الصيد - وأدلة القائلين بالمنع مطلقا]-

.....


قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة الأنصارى على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمين حتى نزلوا عسفان فاذاهم بحمار وحش، وجاء أبو قتادة وهو حل ونكسوا رءوسهم كراهية أن يبدوا أبصارهم فيعلم، فرآه أبو قتادة فركب فرسه وأخذ الرمح فسقط منه الرمح، فقال ناولونيه، فقالوا نحن ما نعينك عليه فحمل عليه، فعقره فجعلوا يشوون منه، ثم قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه فلم ير به بأسا، قال فأحسبه قال هل معكم منه شئ؟ شك عبيد الله، رواه البزار ورجاله ثقات (وعن على بن أبى طالب) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص فى لحم الصيد للمحرم (بز) وفيه عبد الكريم بن أبى المخارق وهو ضعيف (وعن أبى موسى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحم الصيد لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم وأنتم حرم (طب) وفيه يوسف بن خالد الممتى وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على أمور ثلاثة؛ منها ما يدل على تحريم أكل الصيد مطلقا سواء صاده المحرم بنفسه أو صيد له باذنه أو بغير إذنه أو صاده الحلال لنفسه وأهداه للمحرم، وبذلك قال فريق من الناس مستدلين بالآية وهى قوله عز وجل {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} وبحديث الصعب بن جثامة (ومنها) ما يدل على جواز أكل لحم الصيد مطلقا للمحرم ما لم يصده بنفسه، وبه قال الكوفيون وجماعة من السلف مستدلين بحديث طلحة ونحوه من أحاديث الباب المطلقة (ومنها) ما يدل على الجواز بشرط أن لا يصيده بنفسه ولا يأمر به ولا يعين عليه ولا يصاد لأجله وحجتهم حديث جابر وحديث أبى قتادة الذى يليه، لهذا اختلفت أنظار العلماء بعد إجماعهم على تحريم الاصطياد على المحرم، واختلفوا فيما عدا ذلك (فذهبت طائفة) إلى أنه لا يحل للمحرم لحم الصيد أصلا سواء صاده بنفسه أو صاده غيره له أو صاده لنفسه وأهداه إياه فيحرم مطلقاً؛ حكاه القاضى عياض عن على وابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم لقوله عز وجل {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} قالوا المراد بالصيد المصيد، ولظاهر حديث الصعب ابن جثامة رضى الله عنه المذكور أول الباب، فإن النبى صلى الله عليه وسلم رده وعلل رده بأنه محرم ولم يقل لأنك صدته لنا، وقد جاء هذا الحديث من عدة طرق بألفاظ مختلفة فى صفة القدر المهدى بفتح الدال (منها) أن الصعب بن جثامة أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش فردَّه (ومنها) أهدى رجل حمار وحش (ومنها) عجز حمار وحش يقطر دما (ومنها) شق حمار وحش (ومنها) عضوا من لحم صيد (ومنها) حمار وحش وفى لفظ حمارا وحشيا وكل هذه الألفاظ فى الصحاح بعضها فى البخارى وبعضها عند الأمام أحمد وبعضها بل كلها عند مسلم، وقد اتفقت الروايات كلها على أن النبى صلى الله عليه وسلم رده عليه كما قال الحافظ، إلا ما رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>