والحكمة من تخفيفهما أن تفسح المجال لمن هو أحق منك.
فالناس ينتهون من الطواف أرسالاً؛ فإذا انتهى الطائفون وأنت حاجز هذا المكان تطيل الصلاة، فمعناه أنك حجزت مكاناً لمن هو أحق منك، فلا تطل الصلاة. ثم إنه قد يكون المطاف مزدحماً،
فيحتاج الطائفون إلى المكان الذي أنت فيه أيضاً، فمن ثم خفف النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، واختار أن يقرأ بعد الفاتحة سورتي الكافرون والإخلاص (قُل يَآ أَيُّهَا الكَافِرُون (١)) ، و (قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، لأن إمام الحنفاء هو صاحب هذا المقام وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي قال الله لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣)) (١) .
والحكمة في قراءة هاتين السورتين أن فيهما التوحيد كله، بنوعيه التوحيد الخبري، والتوحيد الطلبي العملي. فالتوحيد الخبري في (قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)) ، والعملي الطلبي في (قُلْ يَآ أيُّهاَ الكَافِرُونَ (١)) .
وهل للمقام دعاء؟
والجواب: ليس للمقام دعاء، ولا دعاء قبل الركعتين، ولا بعدهما؛ ولكن المشكلة أن مثل هذه البدع صارت كأنها قضايا مسلمة مشروعة، حتى إن الحاج ليرى أن حجه ناقص إذا لم يفعل
هذا؛ وكل هذا بسبب تقصير العلماء أو قصورهم. وإلا فمن الممكن أن يعطى هؤلاء الحجاج مناسك من بلادهم توجههم