للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام الأسنى والأعلى نية المعمول له التي تغيب عنا كثيراً.

وقوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً) استدل بعض العلماء- رحمهم الله- باستشهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية على أن ركعتي الطواف واجبة، وهذا له حظ من النظر؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر به الآية الدالة على الوجوب للأمر بها. ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يدع الركعتين بعد الطواف.

وقوله: "فجعل المقام بينه وبين البيت " المقام أي مقام إبراهيم، جعله بينه وبين الكعبة.

وهذا يشعر بأن المقام في مكانه الحالي، لأنه لو كان لاصقاً بالبيت- كما في الرواية المشهورة- ما احتاج أن يقول جعله بينه وبين البيت، لأن المقام لاصق بالبيت.

وهذه المسألة اختلف فيها المؤرخون، وأكثر المؤرخين على أنه كان في أول الأمر لاصقا بالبيت، ثم زحزح. ولكن الذي يظهر أنه من الأصل في مكانه هذا.

ومقام إبراهيم جعل الله فيه آية، وهي أثر قدمي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد شهد أوائل هذه الأمة أثر القدم، ولكنه انمحي وزال لكثرة مسه من الناس. وقد أشار إلى هذا أبو طالب في قوله:

وموطىء إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافيا غير ناعل (١) وقوله: "فصلى" يعني ركعتين. واعلم أن المشروع في هاتين الركعتين التخفيف، وأن يقرأ فيهما (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)) ، و () قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)) وأنه ليس قبلهما


(١) البداية والنهاية (٣/٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>