للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للطريق الصحيح.

وقوله: "ثم رجع إلى الركن فاستلمه "؛ يعني استلم الحجر الأسود، ولم يقبله. ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أشار إليه. وعلى هذا فيكون هنا استلام بلا تقبيل ولا إشارة إليه عند التعذر.

وقوله: "ثم خرج من الباب إلى الصفا"؛ يعني بعد أن صلى الركعتين خلف المقام رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب، أي من باب المسجد إلى الصفا؛ ومن المعلوم أنه سيختار الباب الذي يلي الصفا. والصفا هو الجبل الذي يكون أمام الحجر الأسود من الكعبة، أو يميل قليلاً إلى الركن اليماني.

وهو جبل معروف يسمى جبل أبي قبيس (١) .

وقوله: "فلما دناِ من الصفا"؛ يعني قرب منه. "قرأ (* إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) أبدأ بما بدأ الله به ".

وفائدة هذه القراءة إشعار نفسه بأنه إنما اتجه إلى السعي امتثالاً لما أرشد الله إليه في قوله: (* إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) (٢) ؛ وليعلم الناس أنهم إنما يسعون بين الصفا والمروة من أجل أنهما من شعائر الله، وليعلم الناس أيضاً أنه ينبغي للإنسان إذا فعل عبادة أن يشعر نفسه أنه يفعلها طاعة لله عز وجل، كما لو توضأ الإنسان فينبغي أن يستشعر عند وضوئه أن يتوضأ امتثالاً لقوله


(١) الصفا بالفتح والقصر. والصفا والصفوان والصفواء كله العريض من الحجارة الملس.
جمع صفاة، ويكتب بالألف، ويثنى صفوان. ومنه الصفا والمروة، وهما جبلان بين بطحاء مكة والمسجد. أما الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق. معجم البلدان (٣/٤٦٧) .
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>