فقال عمرو: قد كنت عاملاً لعمر بن الخطاب، ففارقني وهو عني راضٍ. قال: فقال عثمان: وأنا والله لو أخذتك بما أخذك به عمر لاستقمت، ولكني لنت عليك فاجترأت عليّ، أما والله لأنا أعز منك نفراً في الجاهلية، وقبل أن ألي هذا السلطان. فقال عمرو: دع عنك هذا، فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهدانا به، قد رأيت العاصي بن وائل ورأيت أباك عفان، فوالله للعاص كان أشرف من أبيك.
قال: فانكسر عثمان، وقال: ما لنا ولذكر الجاهلية.
قال: وخرج عمرو، ودخل مروان، فقال: يا أمير المؤمنين، وقد بلغت مبلغاً، يذكر عمرو بنالعاص أباك، فقال عثمان: دع عنك هذا، من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه.
قال: فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه، يأتي علياً مرّة فيؤلبه على عثمان، ويأتي الزبير مرة فيؤلبه على عثمان، ويأتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان، ويعترض الحاج مرة فيخبرهم بما فعل عثمان.
فلما كان حصر عثمان الأول، خرج من المدينة، حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها: السبع، فنزل في قصر له يقال له: العجلان، وهو يقول: العجب ما يأتينا عن ابن عفان.
قال: فبينا هو جالس في قصره ذلك، ومعه ابناه محمد وعبد الله، وسلامة بن روح الجذامي، إذ مرّ بهم راكب، فناداه عمرو: من أين قدم الرجل؟