وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم اهـ، وإذ قد تعين المراد، فالقول باتباع جمهور كل عصر بين الفساد.
و (الثالث) أنه ترك من كلام ابن الجوزي في الباب الثاني ما فيه التصريح بالمراد حيث قال: فإن قال قائل: قد مدحت السنة وذممت البدعة، فما السنة وما البدعة؟ وكل مبتدع في زمننا يزعم أنه من أهل السنة؟ فالجواب أن السنة في اللغة الطريق ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه هم أهل السنة لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث، وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. اهـ.
وأيضاً فيه: فقد بان بما ذكرنا أن أهل السنة هم المتبعون، وأن أهل البدعة هم المظهرون شيئاً لم يكن قبل ولا مستند له.
وأيضاً فيه: وعن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون" أخرجاه في الصحيحين١.
وعن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله". قال المصنف: انفرد بإخراجه مسلم، وقد روى هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم معاوية وجابر بن عبد الله وقرة، وعن الترمذي: قال محمد بن إسماعيل قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث. اهـ.
و (الرابع) أن ابن الجوزي ذكر في الكتاب المذكور أحاديث كثيرة في ذم البدع والمبتدعين: (منها) حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". (ومنها) حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رغب عن سنتي فليس مني". (ومنها) حديث العرباض بن سارية قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا يعظنا
١ كان هذا الحديث وما بعده محرفين، وسقط من الأول لفظ "أمر" فكان: حتى يأتي الله فصححناهما.