موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". (ومنها) حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يارب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". وصاحب الرسالة قد ترك تيك الأحاديث كلها لأنها تبطل دعواه الباطلة من التوسل المكروه المحدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قول القائل: اللهم إني أسألك بحق محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه محدث، والأحاديث المذكورة ترد على كل ما أحدث في الدين.
وليعلم هناك أن قرن الصحابة كأن البدعة لم تكن فيه، والسنة كانت خالصة فيه، يدل عليه حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً:"وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". رواه مسلم، وحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي بعثه الله في أمته قبلي إلا كان له في أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". رواه مسلم. وحديث العرباض بن سارية مرفوعاً:"فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وحديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنا عليه وأصحابي". وحديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل طيباً وعمل في سنة وأمن الناس بوائقه دخل الجنة". فقال رجل: يا رسول الله إن هذا اليوم لكثير في الناس، قال:"وسيكون في قرون بعدي". رواه الترمذي.