للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مفارقة الجماعة زعماً منه أنه يفيده في ذلك المقام مع أنه بعد تعيين المراد منه ليس فيها أثر من ذلك، ولم ينقل ما ذكر١ في قلة أهل السنة والجماعة الدال على نقيض مدعاه، حيث قال في الباب الأول من ذلك الكتاب: عن يوسف بن أسباط قال: قال سفيان أخبرنا يوسف: إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، وإذا بلغك عن رجل آخر بالمغرب أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، فقد قل أهل السنة والجماعة.

وأيضاً قال: وعن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة خيراً فإنهم غرباء، وعن أبي بكر بن عياش: السنة في الإسلام أعز من الإسلام في سائر الأديان، وقال في الباب الثاني: وعن عبد الله بن محيريز يذهب الدين سنة سنة، كما يذهب الحبل قوة قوة٢، وإذ قد ثبت قلة أهل السنة والجماعة فكيف يصح القول بلزوم اتباع جمهور كل زمان وقرن؟

و (الثاني) أن صاحب الرسالة لم ينقل من كتاب ابن الجوزي ما يدل على تعيين الجماعة والسواد الأعظم، فإن فيه حديث ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي". قال الترمذي: هذا حديث غريب مفسر اهـ. فهذا الحديث فيه دلالة على أن المراد بالجماعة جماعة الصحابة، كما قال الترمذي ونقله ابن الجوزي.

وأيضاً فيه عن ابن العالية قال: عليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يفترقوا، قال عاصم: فحدثت به الحسن فقال: قد نصحك والله وصدقك، وعن الأوزاعي قال: اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا،


١ أي: ولم ينقل عنه ما ذكره ألخ.
٢ القوة من الحبل الطاقة من طاقات فتله.

<<  <   >  >>