للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو أن العلماء منعوا العوام من التوسل البدعي، لما وصل العوام إلى ما نراهم فيه من دعاء الأموات ليلًا ونهارًا واللهج بأسمائهم عند كل ملمة، وجعل ذلك هجيراهم ودأبهم.

١٢ - التوسل بالذوات هو مثل الإقسام بالذوات وقد ورد النهي عن القسم بمخلوق فقد قال : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" (١).

فكما أنه لا يجوز أن يحلف بمخلوق فكذلك لا يجوز أن يقسم على الله بمخلوق ولا يسأل بنفس مخلوق، فالسؤال بالمخلوق والإقسام به كلاهما من باب واحد، وقد تقدم بيان أن العلماء منعوا الحلف بغير الله ومنهم من جعله من الشرك الأكبر كما منعوا الإقسام على الله تعالى بالمخلوق (٢).

ومن هذا الباب التوسل البدعي. فهو مثل القسم والحلف بغير الله تعالى فلا فرق بين ذلك.

١٣ - ثم يقال لمن يجيز الإقسام على الله تعالى بالمخلوق أو السؤال به: ما هو الضابط الذي تتبعه في السؤال بالمخلوقات والإقسام بها؟ هل يقسم بكل مخلوق أو بالمخلوقات المعظمة أو ببعضها؟.

فإن قال بكل مخلوق لزمه أن يسأل بالشياطين، فهذا لا يقوله مسلم وإن قال بالمعظمة فيقال: هل هو خاص بنوع معين أم لا؟ فإن قال بالمخلوقات التي أقسم الله بها لزمه السؤال بالليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وبكل ذكر وأنثى ولزمه أن يسأله بالشمس والقمر والكواكب مع أنها عبدت من دون الله.

وإن قال بمعظم دون معظم فيقال له: بعض المخلوقات وإن كان أفضل من بعض فكلها مشتركة في أنه لا يجعل شيء منها ندًا لله تعالى، فلا يعبد ولا يتوكل على أحد من المخلوقات كائنًا ما كان، ونهى الله عن


(١) تقدم ص: ٤٥٥.
(٢) تقدم ص: ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>