للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرك به في أي مخلوق، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩)[آل عمران: ٧٩].

والله سبحانه سوى بين المخلوقات فلم يجعل لأحد منها سواء كان نبيًا أو غيره أن يقسم به ولا يتوكل عليه ولا يرغب إليه، فكذلك السؤال إما أن يسوغ بالكل وإما ألا يسوغ مطلقًا أو بكل معظم والتفريق بين معظم ومعظم كتفريق من فرق، فزعم أنه يجوز الحلف ببعض المخلوقات دون بعض فكما أن هذا فرق باطل فكذلك الآخر (١).

١٤ - ثم إن مسألة التوسل أمر اختلف فيه العلماء ما بين مجيز ومحرم أفلا يكون منعه من باب اجتناب الشبهات التي أمرنا بالاجتناب ومحرم عنها في مثل قوله : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (٢)، فإذا كان الفقهاء يراعون الخلاف حتى في المسائل التي أدلتها ضعيفة فلماذا لا نراعي هنا الخلاف مع قوة الأدلة التي تدل على المنع وقد ذكرناها؟

فالإنصاف يقتضي أن نراعي هنا أكثر فأكثر لعلاقة المسألة بإخلاص العبادة لله الذي ضده الكفر والعياذ بالله، وسيأتي قريبًا (٣) قول بعض علماء الحنفية: إن مثل هذا لا ينبغي أن يطلق إلَّا بنص قطعي أو إجماع قوي وكلاهما ممتنع، فالوجه المنع، وقول آخرين منهم: إنما يروي في مثل هذا لا يكون حجة في باب العقائد.

١٥ - ثم إن التوسل بالذوات لو قلنا بجوازه فلا يخلو إما أن نقول: إن التوسل المشروع أفضل منه أو هو أفضل ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه هو الأفضل، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نترك الأفضل ونبحث عن


(١) قاعدة في التوسل: ١٠٨ - ١١٢.
(٢) حديث صحيح رواه عدة من الصحابة منهم الحسن وأنس وابن عمر حديث الحسن أخرجه أحمد: ١/ ٢٠٠١، والترمذي: ٤/ ٦٦٨ رقم ٢٥١٨، والحاكم: ٤/ ٩٩، وسكت عنه وقال الذهبي: سنده قوي، وانظر الإرواء: ١/ ٤٤ رقم ١٢.
(٣) انظر ص: ٦٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>