للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان الإمام النووي يخاف من ترك الافتقار المطلق في التوسل بالأعمال مع ثبوته ومشروعيته فكيف يكون الأمر في التوسل بالذوات حيث علق الداعي قلبه بغير الله والتفت في دعائه إلى غير الله تعالى؟ فالتوسل المبتدع يتضح فيه ترك الافتقار المطلق من العبد أكثر من وضوحه في التوسل المشروع، فإذا قدرنا أنه لم يلتفت بقلبه إلى المتوسل به ولم يترك الافتقار المطلق إلى الله تعالى فلماذا أقحم اسم المخلوق في مخاطبة الله ومناجاته؟

ففيه بلا شك ترك الافتقار المطلق إلى الله تعالى وهذه مفسدة عظيمة.

جـ - إن التوسل بالذوات هو الذي فتح للعوام نداء الأموات والاستغاثة بهم بحجة أن ذلك توسل لعدم معرفة بعضهم بالفرق بين الأمرين، ولتساهل آخرين، ولاعتقاد البعض أن الكل جائز من باب واحد فالولي أعطي السلطة الغيبية والتصرف المطلق عند هؤلاء فلا مانع من الطلب منه إلى غير ذلك.

د - إن التوسل له أثر واضح في اعتقاد المتوسل أن المتوسل به له أثر في إجابة الدعاء إذ لو كان يعتقد أنه ليس له أثر مَّا في استجابة الدعاء فوجوده وعدمه سواء، لما أجهد نفسه بزيادة ذكر اسم المتوسل به أثناء مخاطبة الله تعالى.

مع أن المعلوم أن المتوسل به ليس له دخل في الاستجابة إذ لا علم له بمن يتوسل به حتى يقال: إنه دعا الله تعالى أو شفع عند الله. ولهذه المفاسد وغيرها يترجح منع التوسل البدعي وبدعيته وأن الله لا يشرع ما يترتب عليه مثل هذه المفاسد حاشا وكلا شرع الله من ذلك.

ثم إن من القواعد المقررة سد الذرائع ولا يخفى أن التوسل المبتدع ذريعة إلى هذه المفاسد والتي منها دعاء غير الله تعالى والاستغاثة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>