للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تلك الآيات:

قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾. فالدعاء بالأسماء الحسنى يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة (١)، ففي السؤال والطلب يدعى الله تعالى بأسمائه وصفاته التي تتناسب مع المطلوب نحو يا غفار اغفر لي، وفي العبادة يعبد الله تعالى ويمدح ويثني عليه ويذكر بأسمائه الحسنى وصفاته العليا كما أنه يعبد أيضًا "باستحضار معاني الأسماء الحسنى وتحصيلها في القلوب حتى تتأثر القلوب بآثارها ومقتضياتها وتمتلئ بأجل المعارف فمثلًا أسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة تملأ القلوب تعظيمًا الله وإجلالًا له وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة الله وشوقاً له وحمدًا له وشكرًا … فهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة العبد بأسمائه وصفاته وتعبده بها الله لا يحصل العبد في الدنيا أجل ولا أفضل ولا أكمل منها وهي أفضل العطايا من الله لعبده وهي روح التوحيد وروحه، ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخاص والإيمان الكامل الذي لا يحصل إلا للكمل من الموحدين، وإثبات الأسماء والصفات هو الأصل لهذا المطلب الأعلى" (٢).

ويشبه هذه الآية الحديث الوارد في إحصاء الأسماء الحسنى فقد فسر بالمسألة بها وبالتعبد بها.

فقد فسر إحصاء الأسماء الحسنى الوارد في حديث: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة" (٣) بالتعبد بها بحسن المراعاة لها والمحافظة على حدودها في معاملة الرب سبحانه بها وذلك مثل أن يقول: يا رحمن يا رحيم فيخطر بقلبه الرحمة ويعتقدها صفة الله ﷿


(١) مدارج السالكين: ١/ ٤١٨.
(٢) القول السديد في مقاصد التوحيد للسعدي: ١٣٣ - ١٣٤.
(٣) سيأتي تخريجه ص: ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>