للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تلك الآيات أيضًا قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠].

فقد فسرت هذه الآية بالمعنيين (١) فقد ورد في تفسيرها بالعبادة حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله : "الدعاء هو العبادة" وقرأ رسول الله : "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم … " وهذا هو من البيان الذي أمر النبي بتبيينه للناس، ويؤيد هذا أيضًا قوله في آخر الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ كما يؤيده قول الحسن البصري فقد روي عنه أنه قال في هذه الآية: "ادعوني أستجب لكم قال: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله (٢).

وفسرت أيضا بدعاء المسألة وفسر قوله: "عن عبادتي أي عن دعائي، وإلى هذا ذهب السدي (٣)، وقال السبكي: الأولى حمل الدعاء على ظاهره وأما قوله عن عبادتي فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عنها استكبر عن الدعاء، وعلى هذا فالوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكباراً ومن فعل ذلك فقد كفر" (٤). ومن تلك الآيات:

قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ فالأرجح أنه إضافة المصدر إلى فاعله أي لولا دعاؤكم إياه فعلى هذا فالمراد به نوعا الدعاء أي ما يعبأ بكم ربي لولا أنكم تعبدونه أو لولا أنكم تدعونه دعاء


(١) الفتاوى: ١٥/ ١٢، وبدائع الفوائد: ٣/ ٣، وجلاء الأفهام ص: ٨١، وتفسير البغوي: ٤/ ١٠٣.
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد رواية نعيم بن حماد ص: ١٨ رقم ٧٦، ومن طريقه ابن جرير: ٢/ ١٦١، والطبراني في الدعاء: ٢/ ٧٨٩ رقم ٩.
(٣) ابن جرير ٢٤/ ٧٩، وزاد المسير: ٧/ ٢٣٤.
(٤) فتح الباري: ١١/ ٩٥، والزرقاني: ٢/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>