للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكمل وهو لب العبادة ومخها فصار هو الأهم.

أمثلة للآيات التي يراد بالدعاء فيها مجموع الأمرين: دعاء العبادة ودعاء المسألة:

وهذه الآيات تختلف فيها وجهات النظر فمن هنا نجد من المفسرين من يفسرها بالمسألة ومن يفسرها بالعبادة وهذا الخلاف منهم يدل على أن الآية تحتمل الأمرين فلو لم تحتمل لما اختلفوا والذي يحل هذا الاختلاف هو حمل الآية على الحقيقة المتضمنة للأمرين جميعًا وبهذا يرتفع الخلاف، وتكون الآية صالحة للأمرين.

فمن تلك الآيات:

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي﴾ [البقرة: ١٨٦].

فهذه الآية فسرت بنوعي الدعاء (١)، قيل في قوله تعالى: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ أعطيه إذا سألني، وقيل: "أجيبه بالثواب على طاعته إياي إذا أطاعني، فيكون معنى الدعاء مسألة العبد ربه ما وعد أولياءه على طاعتهم بعملهم بطاعته، ومعنى الإجابة من الله التي ضمنها له الوفاء له بما وعد العاملين له بما أمرهم به" (٢) فعلى القول الثاني يكون معنى الدعاء ههنا الطاعة، ومعنى الإجابة، الثواب (٣).

فهذه الآية تحتمل المعنيين فلهذا فسرت بهما، فيكون الراجح فيها أنها في مجموع المعنيين فالمراد بالدعاء فيها المعنى الشامل العام المشترك الذي يصدق على النوعين.


(١) الفتاوى: ١٥/ ١١، وبدائع الفوائد: ٣/ ٣ وجلاء الأفهام ص: ٨١، وزاد المعاد: ١/ ٢٣٥.
(٢) ابن جرير الطبري: ٢/ ١٦٠.
(٣) انظر تفسير البغوي: ١/ ١٥٦، ونحوه في القرطبي: ٢/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>