للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة العشرة من المفحمات:

إنا نسأل النصارى، هل كان الباري تعالى يوصف بالقدرة على خلاص آدم وذريته، دون قتل المسيح وصلبه والتنكيل به أم لا؟

فإن قالوا: لا يقدر على ذلك، جعلوا الله مضطراً مدفوعاً إلى قتل المسيح، عاجزاً عن خلاص عباده إلاّ بذلك، وأكذبتهم التوراة والإنجيل وسائر كتب التَّنْزِيل، إذ يقول: "إن الله خلق العالم بما فهي، وفعل من ذلك ما شاء وأراد: {لاَ يُسْأَل عَمَّا يَفْعَلُ وَهُم يُسْأَلُون} . [سورة الأنبياء، الآية: ٢٣] .

وإن وصفوا الباري بالقدرة على ذلك جَوَّروه ونسبوه إلى الحيف على المسيح، وذلك يفسد عليهم القول بالتحسين والتقبيح.

دعوى للنصارى في ما يرومونه من قتل المسيح وصلبه:

زعموا بأجمعهم أن آدم لما تخطى ما أُمر به وزلّ استحقّ العقاب، فلما توجه عليه العتاب أشفق من ذنبه وتقطع / (١/١٤٢/ب) أسفاً على مخالفة ربّه، فرحمه الله ولطف له وفداه بابنه المسيح، فكان كلّ ما نزل بالمسيح من ضربٍ وإذلالٍ وصلبٍ وموتٍ إنما هو فداء وقضاء عن آدم، فضرب عوضاً من رفاهية آدم، وأهين بدلاً من عزّه الذي أمله بالخلود في الجنة، وصلب على خشبة لتناوله الشجرة، وسُمِّرت يداه لامتداد يد آدم إلى الثمرة، وسقي المرَّ والخل عند عطشه لاستطعام آدم حلاوة ما أكله، ومات بدلاً عن موت المعصية الذي كان آدم يتوقعه لولا قتل المسيح، فاقتضت حكمة الله الأزلي أن لا يعذب عبده آدم لوجود التوبة النصوح الصادرة منه، وأن لا يُهمل مجاناً فيقع الخُلف في خبره، وذلك رحمة من الله ولطف لآدم وبنيه وإظهار الشرف للمسيح، إذ جعله كبش قربان العالم


١سورة الانبياء:٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>