للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقول بصحّة التوبة ينفي القول بالقتل والصلب، والقول بالقتل والصلب ينفي صحّة التوبة.

المسألة التّاسعة من العشر المفحمات:

إن نسأل النصارى هل يوصف الباري سبحانه بالجهل بالغيب أم لا؟

فإن وصفوه بذلك تجاهلوا، إذ التوراة والإنجيل وسائر كتب التَّنْزِيل تشهد بأنه تعالى عالم بالمغيبات، محيط بما تحت تخوم الأرضين إلى أعلى السموات، {أَلاَّ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِير} . [سورة تبارك، الآية: ١٤] .

فإن قالوا: إنه لا يصلح مَن هذا حاله للربوبية تركوا ما يهتفون به من ربوبية المسيح إذ "سُئل عليه السلام عن القيامة وعن يومها فقال: لا أعرف يومها ولا ساعتها ولا يعرفها إلاّ الله وحده"١. و"قال لمريم ومرثا - أختي ألعازر حين مات - أين دفنتموه؟ "٢. و"قال عليه السلام لرجل: منذ كم أصاب ابنك هذا المرض؟ "٣. و"قصد شجرة تين ليصيب منها، فلم يجد بها ثمرة فدعا عليها"٤. و"جاءته الكنعانية مؤمنة به، فلم يعلم بإيمانها"٥.

فهذا مصرح بأن المسيح عليه السلام لا يعلم إلاّ ما علمه الله ربّه وإلهه، وفي ذلك تكذيب لقولهم في الأمانة التي لهم / (١/١٤٢/أ) إذ يقولون: "إن المسيح إله حقّ وإنه خالق كلّ شيء، وإنه بيديه أتقنت العوالم، فإن كانت الأمانة صحيحة فقد كذب الإنجيل، وإن كان الإنجيل صحيحاً فقد كفر من عقد لهم هذه الأمانة، التي هي في الحقيقة فساد الأمانة.


١ مرقس ١٣/٣٢.
٢ يوحنا ١١/٣٣، ٣٤.
٣ مرقس ٩/٢١.
٤ متى ٢١/١٩، مرقس ١١/١٣.
٥ متى ١٥/٢١-٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>